يعتبر هذا الكتاب محاولة للإسهام بالتعريف بإحدى أبرز المدارس الفلسفية الغربية المعاصرة ألا وهي مدرسة فرانكفورت النقدية، التي تعتبر انعطافة فكرية هامة في مسيرة الفكر الأوروبي الحديث بل والعالم بأسره.
أنت هنا
قراءة كتاب المدرسة الألمانية النقدية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفصل الأول
المدرسة النقدية الألمانية
المدرسة النقدية: التأسيس
نشأت مدرسة فرانكفورت في العام 1923 بقرار من وزير التربية ودعم مادي لـ ج. ويل (j. Weil) وتشجيع من ك. أ. جيرلاش .(k. a Gerlach) انطلاقاً من ندوة مخصصة عن الماركسية في العام 1922 بالمينو (ilmeneau) حيث شارك فيها كل من لوكاش (Lukacs) وبولوك (Pollock). وكوش (Koch) وفيتفوجيل (Wittfogel)، وهناك نشأت فكرة مؤسسة دائمة للدراسة النقدية للظواهر الاجتماعية. في البداية تحمّل كارل كرونبورغ (Carl Grunberg) مسؤولية المؤسسة إلى غاية عام 1930 ثم تحوّل الإشراف إلى ماكس هوركهايمر بوصفه المؤسس الرئيس لهذه الفكرة.
أما الأسباب التي أدت إلى هذا التأسيس فهي كثيرة، منها أسباب معرفية ترتبط بتكوين التجمعات والمؤسسات الثقافية والفكرية كما كان سائداً في ألمانيا حينذاك، ومنها أسباب سياسية ترتبط بالفشل الذي أصاب الحركات الشيوعية واليسارية، وخاصة حركة روزا لوكسمبورغ ونهايتها المأساوية عام 1919، حيث شكلت دفعة قوية لإعادة الاعتبار إلى المنهج الماركسي في الثقافة والسوسيولوجيا والنقد والممارسات المنهجية. وكان من أبرز من التحق بالمعهد، وهم يمثلون الجيل الأول من المدرسة: ماكس هوركهايمر، وثيودور أدورنو، وليو فينتال، وهربرت ماركيوز، وإريك فروم، وفالتر بنجامين. وبعد فترة التأسيس هذه اتسع نشاط المعهد، فأخذ بالاتصال بالجامعات والمؤسسات المختلفة وعمل على إدخال مناهج جديدة كالتحليل النفسي والأنثربولوجيا ضمن حلقات المعهد ومناقشاته. لكن مسيرة المعهد لم تمر بسلام وأمن، ففي عام 1933 صعد الحزب النازي في ألمانيا إلى السلطة واستطاع السيطرة على الحياة السياسية والثقافية بنهجه الشمولي وآلته العسكرية وجابه المعهد حينها معضلتين أساسيتين هما: منهجه ورؤيته الماركسية. ثم إن أغلبية أعضائه من اليهود. وبدأت رحلة المتاعب والمصاعب، فقد اضطر أغلب أعضائه إلى السفر، فتوجهوا إلى سويسرا عام 1933، واستقروا في جنيف ليعاودوا ممارسة نشاطهم الفكري والمعرفي. وقامت الحكومة الألمانية بعدها بإغلاق المعهد ومصادرة مكتبته ومنعه من مزاولة أي نشاط داخل ألمانيا. وامتد النفوذ النازي إلى جنيف، فقام أعضاء المعهد بالهجرة والسفر مرة أخرى ولكن هذه المرة إلى أميركا، وكان ذلك عام 1934؛ ومن هناك رجع نشاط المعهد العلمي والفكري في أنحاء أوروبا يأخذ بالاتساع والشهرة. هذه الشهرة تمثل الجيل الأول من المدرسة، وهم جيل الرواد الكبار. وبرز من هؤلاء الكثير ومنهم ماكس هوركهايمر، صاحب كتاب بدايات فلسفة التاريخ البورجوازية، حيث ساهم بجهوده في بلورة النظرية النقدية. وثيودور أدورنو بأبحاثه في علم الجمال والاجتماع ونقد المجتمع الرأسمالي. وفالتر بنجامين بدراساته عن المسرح الملحمي. وهربرت ماركيوز بمنهجه الجديد القائم على الجمع بين التحليل النفسي والماركسية (العقل والثورة، أيروس والحضارة، والإنسان ذو البعد الواحد)، ويعتبر ماركيوز أبرز ممثلي الجيل الأول وأكثرهم تأثيراً في أوروبا. وفي عام 1950 عاد إلى ألمانيا واستقر في فرانكفورت بعد انهيار النازية، حيث عرف التجمع الفلسفي باسم مدرسة فرانكفورت بدلاً من اسمها القديم معهد البحوث الاجتماعية. ومن المفكرين البارزين في هذه المرحلة الثانية نجد يورغن هابرماس، وكارل أتو آبل، وألفريد شميت. أما المرحلة الثالثة فيمثلها كل من أكسيل هونيث الذي يدير المعهد حالياً وسيلا بنحبيب.