أنت هنا

قراءة كتاب ثورة الفتى العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثورة الفتى العربي

ثورة الفتى العربي

يتضمّن هذا الكتاب النصوص الكاملة لعدد من مؤلّفات رئيف خوري وكتاباته في الصحافة الشيوعية (1934 ـ 1944). هي تشمل معظم المجالات التي تناولها، من الشعر إلى الفلسفة إلى الفكر السياسي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

القسم الأول

ثورة بيدبا

من الإنتاج الشعري الغزير لرئيف خوري هذه المسرحية الشعرية التي تجمع في تعدد فصولها وتنوع مواقفها ألواناً شعرية، من البث الوجداني الشجي والشاكي والغزل الرقيق إلى المد الملحمي الذي يمثل نوعه بكل جدارة، مروراً بالحوارات المتقاطعة بهدوء وروية وتغلغل في النفسيات أو بردود سريعة متفجرة حتى في البيت الواحد. وفي هذا كله يتمكن رئيف خوري من تطويع اللغة العربية الفصحى وأوزان الخليل للشكل المسرحي الحديث، وليس هو الأول في ذلك، لكن النجاح في تطويع الكلاسيكية العربية لرومنطيقية ثورية ميّزت فتوة وشباب رئيف خوري بشكل خاص، تميّز بالانسحاب التام بين القول والعمل في شخصية رئيف نفسه الذي تأتيه الكلمات طيعة لفعل صاحبها ووجدانه. إنه شاعر مطبوع كما يُقال، يفكر منشداً ويقدم كل وعيه لثورة أمته المقهورة. فحري بهذه المختارات السياسية ـ الفكرية أساساً، أن تفتتح بالنشيد.

مقدمة

«كان همّ الفلاسفة حتى اليوم أن يفسروا التاريخ، ويجب عليهم بعد اليوم أن يعملوا التاريخ».
«كارل ماركس»
نستطيع، بكل سهولة، أن نأخذ كلمة ماركس هذه فنقولها عن الأدباء أيضاً. وبناءً على ذلك نستطيع أن نقسِّم الأدب إلى اثنين: الأدب المفسر أو الواصف، والأدب العامل.
كلا الأدبين عرفته الإنسانية. عرفت الأدب الواصف قبل الأدب العامل. وذلك أمر طبيعي... ترى، ألم تتأخر الإنسانية في معرفة الأدب العامل؟ لأننا مضطرون إلى الاعتراف بأن الأدب العامل ـ وإن كان معروفاً منذ زمان ـ لم يصبح ذا مدرسة، كما يقول الفرنج، أو ذا شخصية إلا في هذا الزمان.
زمان تشابكت فيه مظاهر النشاط في السياسة والاقتصاد والصناعة والاجتماع، وتداخل بعضها ببعض بعد أن كان من المظنون بقاؤها متباعدة متنافرة. زمان طلع فيه نظام جديد قلب وجه التاريخ ونفض العالم من أسسه، وصوب نشاط الأفراد على اختلافه إلى نقطة واحدة هي: المجموع... وليست الحركات القائمة على عكس ما يقوم عليه ذلك النظام الجديد كالفاشستية والنازية وغيرهما من الحركات العنصرية أو الوطنية أقل تأثيراً في الأدب وتحويله من الوصف إلى العمل. والفرق هو في النقطة فقط المصروف إليها هذا العمل.
لا ننكر أن الأدب كان في كل وقت متأثراً بما حواليه. ولكنه كان متأثراً قبل أن يكون مؤثراً. لم تكن غايته الأولى العمل، كما قلنا، بل كانت الوصف. وكان الأديب ـ الشاعر والناثر ـ عائشاً في شبه سلة تدلت من السماء ولم تصل إلى الأرض، أو دفعتها الأرض ولم تصل إلى السماء. وهو في هذه السلة السحرية، لا يرضى أن ينزل إلى معترك الحياة العام، بل كان الأدب لا يرضى له النزول. وكل ما يرضاه له أن يدور على نفسه في هذه السلة فيصف نفسه قاعداً وقائماً، باكياً وضاحكاً، غاضباً وراضياً.
وإذا أراد وصف أحد من المعترك وضع نظارتيه على عينيه ووصف ما رآه من خلال زجاجها السميك وضمن دائرتها الضيقة.
هذا هو الأدب الواصف وهذه هي مبادئه. ونزيد أنه ظل في جميع أدواره ومظاهره فردياً قاصراً عن النظرة الإنسانية الشاملة.
أما الأدب العامل فإنه يريد من صاحبه أن ينزل من السلة إلى المعترك، ثم لا يكتفي منه أن يحمل على كتفه آلة تصوير، بل يريد منه أن يكون قائداً وأن يشترك مع القواد الآخرين: قواد السياسة والاقتصاد والصناعة والاجتماع ويتكاتف وإياهم على تسيير الناس في طرق معايشهم.
لسنا هنا في مجال التفاضل بين الأدبين، ولكننا نبادر إلى الجزم بأن الأدب العامل يحمل إلى الإنسانية فوائد مباشرة لا يحملها الأدب الواصف، وأن من واجب العرب أن يساهموا فيه، ولا سيما في بدء يقظتهم هذه التي تبشر بمستقبل جميل.
و«ثورة بيدبا» هي المحاولة الأولى من نوعها في الأدب العربي، محاولة جريئة موفقة في الأدب، تعطينا قطعة قوية من حياة شعب مظلوم مضطهد، عرف أن يزيح عن كتفيه كابوس الظلم والاضطهاد.
فعسى أن يكون لها أثرها المنشود في أدبنا.
أجل، إن كلمة كارل ماركس تُقال عن الأدباء أيضاً:
كان همّ الأدباء حتى اليوم وصف الحياة، ويجب عليهم اليوم أن يعملوا الحياة.
الحياة التي تغنّى بها الأدباء في كل عصر ومصر:
العدل والحرية، قد جاؤوا اليوم يبنونها بأيديهم.
شتّان بين الغِناء والبناء!
توفيق عوّاد

الصفحات