تحتوي مجموعة "ليل آخر" على واحدة وأربعين قصة، تنوعت ما بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، دارت معظم أجوائها ـ كما تشي عنواينها ـ ما بين العتمة والجوع والبكاء والغفوة والإغفاءة والدمعات والضجيج وسوء الفهم والخطى العارية والنداءات والدوائر والليالي والظلال
قراءة كتاب ليـل آخــر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
عتمــة !
انقطع التيار الكهربائي بغتة، لعنتْ المرأة الحظ المنحوس، وظلتْ أصابعها ممسكة بجورب كانت قبل لحظات منهمكة في رتقه، تفكر... ماذا تدبر لولدها ليلبسه عند ذهابه للمدرسة غدا؟ وحصة الرياضة يوم الثلاثاء وما تتطلبه من زي آخر غير زي المدرسة المتكرر والذي أمكن تدبيره من هنا وهناك.
تحدق بالعتمة المفاجئة، يرتسم أمامها وجهه المحتقن ودمعته الحارقة وهو يخبرها كيف أجبرهم أستاذ الرياضة على خلع الأحذية ليعلمهم مهارة جديدة أسماها "الوثب العالي" وكيف اضطر لخلعه وانكشف جوربه المثقوب، وتناهتْ لمسامعه تعليقات من زملائه مبطنة بالسخرية تلتها أخرى جارحة وصريحة في استراحة الخمسة دقائق بعد انتهاء الحصة.
أغمضتْ عينيها بألم كأنما لتمحو تلك الصورة وتلوذ من وقعها الثقيل، تخيلت نفسها في السوق تشتري له زياً وجواربَ جديدة، تخيلته يقفز في الهواء ببدلة رياضية مناسبة مجتازاً العارضة قبل لن يهبط على الفرشة السميكة برشاقة، ويصفق له الجميع! وجدتْ نفسها تبتسم بفرح صافٍ حتى دمعت، فجأة انبعث النور، تبددت الصور وتلاشت تلك الفرحة، ابتلعتْ دموعها وتابعت رتق الجورب علّه يجده جاهزًا صبيحة الغد!