تحتوي مجموعة "ليل آخر" على واحدة وأربعين قصة، تنوعت ما بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، دارت معظم أجوائها ـ كما تشي عنواينها ـ ما بين العتمة والجوع والبكاء والغفوة والإغفاءة والدمعات والضجيج وسوء الفهم والخطى العارية والنداءات والدوائر والليالي والظلال
قراءة كتاب ليـل آخــر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
جـــــوع
أمام مدخل الحمامات في المطعم تتابع الجلوس، في ملامحها طفولة ذابلة، عيناها معلّقتان بالداخلين ترجوهم بالإيماء حيناً وبالكلام أحياناً أن يشتروا منها محارمَ ورقية، وتمد كفها الصغيرة بلهفة لتقبضَ على المبلغ الزهيد، وقفتُ أمامها لحظات لم أستطع تجاوزها بتلقائية محايدة كما يفعل الآخرون، رمقتني باستطلاع مشوب بخوف: ماذا؟! نظفت الحمامات قبل قليل؟ أرجوك ألا تشكيني للإدارة سيضربونني ويحرموني من الأكل! وأنا أكاد أموت من جوعي..!
سألتها بإشفاق: هل تنظفين الحمامات بعد كل هذه الأفواج الداخلة إليها؟!
قالت وهي تعيد ترتيب المحارم الورقية على الطربيزة أمامها: إن وجدوا حماما متسخا يعاقبونني ليومين!
قالتها بحزن لا يتناسب وعمرها الغض، ونظرة الجدية لا تغادرها وهي ترقب الداخلين وتسترق النظر باشتهاء مكتوم لأصناف المأكولات المحمولة للقاعة برائحتها الشهية، في نظرتها جوع عميق... للطفولة!