أنت هنا

قراءة كتاب الأرض الطيبة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأرض الطيبة

الأرض الطيبة

في كتاب «الأرض الطيبة»، تتمازج كل هذه الطرق ليكون ما فيها، في الواقع، واضحاً لا لبس فيه.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مقدمة

قناديل الخير في زمن العتمة...
التاريخ كبد العلوم وموضع استقلاباتها وعنبر حفظها للناس وحصنها من النسيان والاندثار...
وهو كتاب الإنسانية بتطوراتها كافة، لولاه لضاع أكثر العلوم وانعدم تناسقها، ولنسي الناس خبرة الماضي ولما استطاعوا أن يصلوا إلى القادمين على سراب المستقبل.
كتاب الأستاذ فؤاد عبدالله كفروني «الأرض الطيبة» شامل فيما يؤرخه عن بلدة تل عباس (عروس السهل). ولكن لايمكننا أن نصنفه في منظومة تأريخية محددة. فالتاريخ يجري عادة بحسب توالي الزمن أو الأحداث أو الأشخاص، ولدينا من هذه الطرائق نماذج مختلفة، وفي كتاب قصة الحضارة تأريخ يتتبَّع الأثر الحضاري.
في كتاب «الأرض الطيبة»، تتمازج كل هذه الطرق ليكون ما فيها، في الواقع، واضحاً لا لبس فيه. اختار الكاتب من الناس في تل عباس نماذج على اختلاف طبقاتهم، وعلومهم، وعائلاتهم، وأديانهم وانتماءاتهم الحزبية والسياسية؛ فهو لا يكتفي بسرد الأحداث بل يدخل في صميم محركاتها وتداعياتها. وككاتب خبر الناس وخصوصاً في ظروف لبنان الصعبة، وتغيّراته الديمغرافية، نجد عنده في الكتاب هذا أنَّ الفضيلة والرذيلة لا يكونان ولن يكونا حكراً على أصحاب مبدأ معيَّن، وكما يقول المثل (في كل قبيلة هبيلة)، ولا تكون القبيلة مسؤولة عن تصرفات هبلتها. ووجد أن الخير مبذور في قلوب الناس على اختلاف توزع مناطقهم وطوائفهم. يبقى الوطن في كتابه هو العالي محجاً ومختبراً لكل المبادىء والنظريات الفكرية، والوطن الصحيح المحترم قادر على حماية أبنائه بدون تمييز ويدعم الخير فيما بينهم. في كتابه هذا يدمج الخاص بالعام والماضي بالحاضر ويستقدم الأحداث على أطباق الزمن. تحدَّث عمَّا كتبه المؤرِّخون لهذه الحقبة، كما أورد ما لم يتحدَّث عنه غيره، وانتبه إلى دور الصغير والكبير في صناعة المجتمع. تنقَّل بين كل المجالات في القرية مبيِّناً أهمية الإيمان في صنع المجتمع والإنسان وحاجة هذا الإنسان إلى الآخر بفكره ووجوده لأنَّ الروح يهب حيث يشاء وعلينا ألَّا نطفىء الروح. وفي هذا المجال سار في وصف الذين عاكسوا الزمن وهم كثر في عكار وأقل منهم في خارجها؛ لقد استطاع أن يرى قناديل الخير في زمن العتمة واشتداد الظلم والظلامية في الأحداث اللبنانية وبخاصة في حادثة تل عباس التي رواها بحذافيرها. وفي هذا المجال وضعنا من خلال حادثة تل عباس في وضعية المتأمِّل في واقع مشاركتنا في القضايا الوطنية، والسؤال المهم هل غدا المؤمنون في هذا الشرق موضع الاستهلاك النضالي ريثما تمرُّ المخططات؟ وهل نحن المسيحيين بخاصة في البلاد العربية أغبياء مستهلكين في أسواق نخاسة القضايا العربية والشرق أوسطية، وهل علينا في النهاية أن نكون (أمعة)...
إنَّ الكتاب تأريخ في علم الاجتماع، وعلم الاجتماع الديني وعلم الاجتماع السياسي وعلم الاقتصاد، وكذلك فيه نفحات إنسانية. فعلى تشعب المرويات وخصوصياتها ما غاب عنه بعض من الاقتصاد الريفي والذي تميَّز به المجتمع العكاري، وكذلك نفحات العاطفة الأدبية ظاهرة بادية تحلي عنق الكتاب وجيده.
أعتقد أنه لو قيَّض الله من يكتب هكذا للناس الذين صنعوا مجتمعاتهم وليس فقط للسياسيين والرأسماليين والمتسلطين على رقاب الشعوب بالخوف والرهبة... لكان الوضع أفضل بالتأكيد.
الكتاب نموذج لمن يريد أن يسرد الحقيقة بالحق بدون زيغ أو دوران، ويصلح للاقتداء في التاريخ لكل قرية وبلدة ومدينة.
إلى مزيد من العطاء يا أستاذ فؤاد مصحوباً بالبركة ومدعوماً بالمحبة وصدق الوطنية...
المتروبوليت باسيليوس منصور
راعي أبرشية عكار الأرثوذوكسية وتوابعها
في 7/5/2013

الصفحات