أنت هنا

قراءة كتاب القانون ابن الحياة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القانون ابن الحياة

القانون ابن الحياة

كتاب " القانون ابن الحياة " ، تأليف د.عبد الجبار الجبوري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

الفصل الثاني :التشريع وإصلاح النظام القانوني العربي

المبحث الأول :التشريع والأيديولوجيا العربية

في العقود الأخيرة من القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين بدأت في حياة الأمة العربية نهضة ظاهرة تحولت فيها مظاهر الحياة العربية تحولاً كبيراً خصوصاً في الميدان التشريعي والقانوني، حيث حددت الأسس التشريعية الجديدة التي تعبر عن عملية الربط الجدلي بين روح القوانين العربية الأصيلة والحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها الأمة العربية، بحيث تجاوزت من خلالها الواقع العربي القديم إلى المستقبل العربي المعاصر تجاوزاً نوعياً وكلياً مما كان يحفل به الوطن العربي من تطورات ونزاعات وتيارات فكرية.

وكان لأصول ومنابع الأيديولوجيا العربية أثر كبير في عملية تجاوز مخلفات الماضي، حيث كان للتراث القومي العربي والبعد التاريخي للأمة أثر كبير في ولادة وتطوير ونمو تلك الأيديولوجيا التي جسد الإسلام فيها أعمق تجربة روحية وفكرية واجتماعية وسياسية في حياة الشعب العربي، إضافة إلى التجربة النضالية المعاصرة للأمة العربية التي جسدت اليقظة القومية لمقاومة السيطرة العثمانية والاستعمار الغربي، تزامناً مع الثورات المعاصرة التي بدأت بتجربة الإصلاح الديني في أوروبا حتى بلغت ذروتها في ثورة 1917 الاشتراكية التي ساهمت في طرح قضايا الشعوب والأمم المضطهدة والجماهير المسحوقة. ومن خلال هذه الثورات والحربين العالميتين الأولى والثانية، نشأ العالم الجديد على ما طرحته تلك الثورات من تيارات فكرية ونظريات سياسية شملت مختلف جوانب الحياة من قضايا مصيرية تمس مستقبل الإنسانية ومصير الشعب العربي(31).

من خلال ذلك التطور الفكري والسياسي رفضت الأيديولوجيا العربية، كغيرها من الأيديولوجيات الجديدة، التشريعات والقوانين الموروثة التي شرعت في العهود الرجعية التي عبرت عن المصالح الاقطاعية والرأسمالية لرجال الحكم في ذلك الوقت لأنها كانت تعكس الأفكار والمصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية السائدة في تلك المجتمعات، خصوصاً التشريعات الموروثة التي تنظم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السائدة في العهود التي صدرت فيها لأنها كانت في غالبيتها تشريعات رجعية أو إصلاحية متخلفة عن روح العصر وتطوراته.

لذلك أصبح من الواجب الوطني والقومي إعادة النظر في جميع القوانين والتشريعات الموروثة منذ عام 1869 حتى اليوم، فيعدل ما يتطلب التعديل، ويبدل ما يتطلب التبديل أو الإصلاح ويلغى ما يستوجب الإلغاء.

إن بقاء التشريعات الموروثة التي أصدرتها الطبقات والفئات المتخلفة أمر يتناقض مع متطلبات التغيير التشريعي والقانوني المعاصر في المجتمعات الحضارية المتقدمة، ومع تصورات بناء المجتمع الديمقراطي الجديد في القرن الواحد والعشرين.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الميدان.. من أين جاءت هذه التشريعات والقوانين الموروثة؟ ومن الذي شرعها وخصوصاً القوانين المدنية؟

إن أغلب القوانين الموروثة انتقلت إلى الوطن العربي في ظروف معينة خاصة. فالقانون المدني، وغيره من القوانين الجزائية والإدارية، بقي إلى اليوم يعبر عن مصالح المراحل التاريخية السابقة التي سادت فيها المصالح الإقطاعية والرأسمالية، وبقيت نصوصه مقدسة لا يأتيها التعديل أو التبديل أو الإلغاء إلا بوحي يهبط على رجال الفكر والقانون والقضاء من السماء إلى الأرض، وإلا ما معنى سيادة النص المطلق على الملكية الخاصة بأنها سلطة مطلقة مقدسة كما نص عليها قانون نابليون، ثم ما معنى التوسع في بناء الاقطاعيات الجديدة من خلال الاستيلاء على الأرض بجميع الوسائل والحيل القانونية؟ ثم ما معنى التوسع في حرية التعاقد ليحكم القوي الضعيف، وتحدد المسؤولية على أسس الخطأ حتى يخرج المضرور خالي اليدين إذا عجز عن إثبات هذا الخطأ.

إضافة إلى هذه النصوص التعسفية في بعض القوانين، فقد تحول القانون التجاري من قانون لخدمة المصالح العامة إلى قانون طبقي يعبر عن مصالح فئات محدودة، يرفع سعر الفائدة كما يشاء، ويسهل طرائق إثبات الحقوق الرأسمالية كما يريد، ويقيم القصاص بين المدينين، ويهيىء منح مهلة للقضاء، وينظم الإفلاس بطريقة تمكِّن إنقاذ الرأسمالي الكبير.

الصفحات