كتاب " الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة " ، تأليف إبراهيم الأخرس ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدعم وحماية المستهلك في ظل العولمة
الدعم الغذائــــى
شهد الاقتصاد المصـرى تحولات جذرية فى استراتيجية التنمية خلال الثلاثة عقود الماضية نحو إعادة هيكلة النشاط الاقتصادى العام ، الذى يعتمد على التوجه الاشتراكى إلى إعطاء مساحة من المرونة نحو إفساح الطريق أمام النشاط الاقتصادى الخاص من خلال التوجه نحو اتباع آليات السوق الحر .
وتعتبر مصر من الدول التى تعانى من أزمة فى الغذاء نتيجة عدم قدرة المعروض المحلى منه على الوفاء بكافة احتياجات الأفراد ، وذلك نتيجة عوامل متعددة ، يأتى فى مقدمتها تدنى مستوى الإنتاج الزراعى من السلع الغذائية الأساسية وخاصة من الحبوب ، بالإضافة إلى الزيادة السكانية المُطَّردة فى عدد السكان وتناقص المساحات المنزرعة بالمحاصيل الغذائية ، ومما يزيد المشكلة صعوبة أن ما يربو على 40% من جملة المساحة الزراعية يخصص لزراعة أعلاف حيوانية مما بات يؤثر على انخفاض المساحة المتاحة لزراعة المحاصيل الغذائية الهامة والأساسية من الحبوب .
فى حين أن هناك بعض العوامل السيكولوجية التى تؤثر فى الطلب على الغذاء فى مصر ، وأهمها الخوف لدى المستهلكين من عدم الحصول على احتياجاتــهم فى أى وقــت شاءوا ، الأمر الذى قد يســهم فى تفاقم المشكلة نظرا إلى اضطرار بعض الأفــراد إلى شراء كميات كبيرة من السلع الأساسية تزيد عن الحاجة وغالبا ما تتلف هذه الكميات بمرور الوقت ، وكل ذلك يهون أمام ما يعتبره الإنسان أو المستهلك ثمنا للشعور بالأمان ، وهذا من شأنه أن يؤدى إلى إحداث زيادة مصطنعة فى الطلب الكلى على الغذاء ، أو بسبب إشاعة عارضة يروج لها البعض بقصد أو بدون قصد ، لذلك لا تجد الحكومة أُذُناً صاغيةً من الشعب من تكرار ندائها بترشيد الاستهلاك .
إن مشكلة الدعم قد بدأت تحتدم بشكل لافت للنظر عندما اختلت العلاقة التوازنية بين مستوى تزايد الاحتياجات ومعدل نمو الإنتاج الغذائى وتدهور مستوى الإنتاجية فى القطاعات المنتجة للسلع والخدمات الضرورية التى تدعمها الدولة ، فى حين أن ثلثى احتياجات مصر من السلع الضرورية تستورد من الخارج ، مما ترتب على ذلك ، تزايد اعتمادنا على العالم الخارجى فى تدبير السلع الأساسية التى تلزم لإشباع حاجات الأفراد المتزايدة ، فى الوقت الذى لم تصل نسب الاكتفاء الذاتى من السلع إلى التزايد حيث أن اتجاهها يميل منذ عام 2004 للتناقص .
وإذا كان الإنفاق العام ما زال يلعب دورا رئيسيا فى التصدى للمشاكل المختلفة التى تواجه مصر ، وفى مقدمتها مشكلة انخفاض مستوى معيشة السواد الأعظم من الشعب بعد جنوح الأسعار نحو الارتفاع ، وهذا ما أدى إلى تزايد خلخلة العلاقات الاجتماعية فى ظل العولمة التى لا تعنى بالضرورة حل مشكلة الفقراء فى أى مجتمع ، وإنما تعنى أن الأغنياء يزدادون ثراءًّ وأن الفقراء يزدادون فقرا وهذا هو الحاصل اليوم فى كافة دول العالم الثالث ِ، فمن الممكن أن يرتفع الدخل القومى وكذلك معدل النمو الاقتصادى فى الوقت الذى يظل الفقر على حاله دون تراجع ، بل ربما يزداد احتمال تفاقم مشكلاتهم من السيئ إلى الأسوأ (2) وما على الدولة فى هذا الحالة إلا أن توفر حد الكفاية إلى أفراد المجتمع من مأكل وملبس ومسكن وحاجات أساسية كلا حسب حالته . للتخفيف عن كاهل المواطنين ومحدودى الدخل من خلال ما تخصصه الموازنة العامة للدولة تحت بند ( الدعم وخفض نفقات المعيشة ) خصوصا فى ظل الارتفاع المتواصل للأسعار الذى تشهده مصر منذ سنوات (3).
وتوضح بعض الدراسات إلى أن حوالى 33% من سكان العالم لا يحصلون على تغذية كافية أو على ما يلزمهم من السعرات الحرارية الأساسية ولاسيما البروتين ، فى حين أن يوجد فى العالم واحد مليار فقير و800 مليون شاب لا يجدون عملاً ولا قوت يومهم ، فى الوقت الذى يمتلك 8 ملايين مليونير فى العالم 30 ترليون دولار ، ومن ثم فإن انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومى فى الدول النامية عادة ما يكون مصحوبا بزيادة الطلب على الغذاء الأقل فائدة ومواصفات وجودة ، ولذلك فإن ترشيد الاستهلاك على الغذاء لا يقل أهمية عن ارتفاع مستوى الغذاء والحصول على حد أدنى من السعرات الحرارية .
فبعد أن رفعت الحكومة المصرية شعار الإصلاح والانفتاح والتنمية منذ عام 1974 فُتح الباب على مصراعيه للسلع المستوردة دون الالتزام بقواعد الخصوصية ، فى ظل التهاون فى حماية صناعتنا الوطنية حتى صارت الحياة المصرية نحو المضى قدما إلى مزيد من التغريب فى كافة نواحى الحياة ، فى الوقت الذى ذهب بعض الخبراء إلى أن مشكلة مصر ليست مشكلة حضارية وإنما هى مشكلة تخلف وفقد المصداقية ، لأننا لدينا حضارة لا تضارعها أو تباريها حضارة ، وذلك لأن الإسلام قد ثقل حضارتنا المصرية والعربية بعوامل الشرعية . فى الوقت الذى صنف عددا كبيرا من الخبراء والباحثين التنمية على أنها تُعد فرعا صغيرا من فروع الحضارة .