أنت هنا

قراءة كتاب حوار في ضيعتي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حوار في ضيعتي

حوار في ضيعتي

كتاب " حوار في ضيعتي " ، تأليف رفيق أبو صالحة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

تقديم

لا بدَّ لمن يقوم بتقديم لكتاب أو لمؤلَّف علمي أو نثري أو شعري أن يكون عارفاً بشخصيّة المؤلّف عن كثب، وأن يقرأ مؤلَّفه بدقة وتمحيص فيكون أميناً على وصف مؤلّفه غير أولئك الذين يقدّمون تزلّفاً أو مراءاة أو بسبب طمع مادي فيضعون مؤلّفهم في مصاف الشعراء الكبار أمثال المتنبي أو أصحاب المعلّقات السّبع أو في مصاف الكتّاب الكبار كالجاحظ وابن المقفّع وجبران أو في مصاف العلماء الذين أرسوا قواعد العلوم على أنواعها أو في مصاف المؤرّخين الأمناء على الحقيقة التاريخيّة، فتسقط هيبتهم ويبوخ تقديرهم عند أهل العلم والمعرفة. فإن لم يكن الكاتب ملتزماً بقضايا بيئته ووطنه وقوميّته وإنسانيّته، مخلصاً في توجّهه للنّصح والإرشاد، صادقاً في تمنيّاته عاملاً نشطاً في مجال قدراته وإمكانيّاته من أجل تحقيق إنسانيّة الإنسان في محيطه وعالمه الأكبر الأوسع، فما هو نفع ما يكتب وما جدوى توجّهه إذا حصرهما في العموميّات والشّعارات السَّرابيّة كما هو الحال في بعض التوجّهات الحزبية اللّاواعية التي هي مجرد شعارات فارغة المضمون لا أكثر ولا أقلّ.

فتعال معي أيها القارئ لنقوم بنزهة فكريّة في رحاب ما كتبه مؤلّف كتاب «حوار في ضيعتي» نتعرّف من خلالها على صدق مشاعره وأحاسيسه وصوابيّة أمانيه نحو الخير العام والمصلحة العامة، والترقّي في مدارك العقل البشري إلى ما يربط المفاهيم الواعية والتقاليد والعادات الأصلية لتصبح بوتقة التكامل الإنساني الرّوحي والمادّي الذي إن تغلّب أحد العنصرين، فيه على الآخر اختلّ التوازن واعتلّت صيرورة الحياة السياسيّة.

ففي أوّل مقال يأخذنا الكاتب إلى القرية تلك الجنّة الوادعة المؤنسة فيكشف عن طبيعتها الجغرافية وعن كيفية التّعامل معها بطرائق بدائية تقريباً، وعن إهمال الشباب للعمل في الأرض وتربية المواشي للانصراف إلى العلم وعن طريق التعلّم آنذاك ثم عن نيّة الأهل لتعليم أبنائهم خارج القرية وتدرّجهم في المستويات حتى أصبحنا نرى من بينهم المديرين والمحامين والمهندسين والأطباء وقادة سياسيين وعسكريين منتقداً عدم تجيير هذه الطاقات الهائلة للتعاون فيما بينها بعيداً عن الغرضيّات الضيّقة والتّبعيات الجاهليّة للنهوض بواقع قريتهم إلى أن تصبح قرية نموذجية وفي هذا مصلحة وخير للجميع.

بعد ذلك ينتقل الكاتب إلى الحديث عن الأسرة الصالحة التي كانت قبلاً، إن لم نقل في الماضي القريب، موجودة في القرية بفضل التعاون بين الرجل والمرأة في أكثر المجالات، مستندين إلى قواعد أخلاقية ورثاها عن السّلف الصالح ويريدان تصديرها إلى الأبناء والأحفاد، وعادات شريفة تصلح لأن تكون دساتير لأنماط الحياة الإنسانية ذاكراً أيضاً كيفية حلّ مشاكلهم الاجتماعية والصحية ومعالجة ما يصيبهم من أمراض جسدية بطرق بدائية، وكانت النّخوة والحمية تتجليان في التصرف والتعامل فأين نحن منها اليوم.

ثم يتعرّض للمقارنة بين الطاقات العلمية المميزة لأبناء القرية عن سواهم وبين تصرفهم عند التعاطي في شؤون وشجون مواطنيهم يكتنفهم جمود في الذهنية والطموح إلى الأفضل مما أفسح في المجال لبروز الانتهازيين، ومعهم تلك الأدوات المسيَّرة من قبل أصحاب النفوذ في السياسة والمستغلين لأنانيتهم وفرديّتهم ليس إلّا مما كرّس النزاعات والانقسامات والتنافر، وأدى إلى تنامي الأحقاد والبغضاء المعطلة لأي مصلحة اجتماعية أو إنماء أو ازدهار في القرية، وهذا أحدث غصّة مريرة لدى الكاتب جعلته يتمنى مخلصاً الدعوة إلى توافر النظرة الثاقبة والصحوة اللازمة لخلق سعادة العيش التي تحرسها الإلفة والمحبة والتسامح والاحترام المتبادل. وفي باب القناعة نرى كيف يصف طبيعة العيش القروي عملاً وسكناً حيث تجمع أهل القرية الإلفة والمحبة وقواعد التعامل في جميع المجالات والحالات وكيفية التعاطي في حلّ المشاكلات التي تنشأ بينهم استناداً إلى المفاهيم الروحية والأخلاقية.

الصفحات