أنت هنا

قراءة كتاب خوف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خوف

خوف

 لست أندم على أنّ مجموعتي لم ترَ النور قبل الثورة ...لقد كتبتُ أولى فصول الخوف حتى جاءت تباشير النصر وأنفاس الحرية ... 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
بمثـابـة التقــديـم
 
كانت النية أن يكتب مقدمة المجموعة حين تعد للنشر الدكتور محمد صالح الجابري رحمة الله عليه ..
 
فهو قصاص وروائي خبير بالسرد ودروبه وهو عالم بخبايا الإبداع شعرا وقصا ورسائل ومقامات ..لكن الذي شدني فيه رفعة ذوقه الأدبي ورِقّة حِسّه بالفنون جميعها ..وكم كانت حاجتي ماسة حين أكتب أن يقرأ نصوصي المتفاعلون مع الحرف والباحثون عن رواء اللغة والمتعطشون مثلي إلى ماء الكتابة ..كنت أرى في المرحوم هذا الرجل حين كنا نتحدث عن نص ما..
 
حين تكتب تشعر وكأنك عُمِّرتَ بكيانات مبهمة تثقل وتخف..تسبح وتغرق وتنجو تطير وتسير تسرق منك لآلئك التي لا يمكن أن ينافسك فيها أحد وتتجمل بها تنزعها فجأة ثم تتشح بالسواد حزنا على نبأ لم تسر به الركبان إلا إليك وقد تسمع وأنت بين الحزانى زغاريد عذارى يسكنّ بين جنبك وجنبك يزففن إليك ولادة فتفرح ولا تعرف الوالد ومن ولد ولا متى حبلت من أفكارك العذارى ..وأنت بين تفاصيل الحياة المقيتة يمكن أن يصرفك عنك إليه وبكل الخفاء الذي لا يعرفه أهل العلن مَلاكٌ مُنْتـَشٍ بسرّ الخلود فتشربَ من كأس لا قبل لك بصفائها شرابا لا هو شراب الروح فيُسكرَ ولا هو من جنى النحل فيداويَ أو يحلّي ولا هو من شراب الريق فيسبي ويقتل حبا بل هو خليط محلول: من الكدر شيء ومن الفرح شيء ومن الأمل والحزن والسفر والحلم أشياء وخلايا وأجزاء..
 
حين يقرؤك من يجد في نصوصك بعضا من هذه الأشياء المتناثرة ويشعر بلطفها وببعض أصواتها المرسلة حينا والمقيدة أخرى ويراك بعين من استلَّ منك أبعاضك وضرب أخماسك في أسداسك ووزّعك حصصا من ميراثٍ مشْكلٍ سيراك شيئا آخر.. عندئذ لا يَعنيك إنْ مدحك أو ذمك.. إن اتهمك بالقصور أو بالتعالي ..إنه لن يفعل .. سيكون حقيقة في عالمك...سيَتذوق وسيتشمّم وسيتلمّس وسيتسمّع وسيتبصّر ...وأنت سترى فيه الذوقَ يشم والشَّمَّ يسمع والعين تلمس والأذن ترى ..فأبْصِرْ به قارئا وأسْمِعْ..
 
حين كتبت النصوص وقرأني من قرأني كانت جماعة من الناس هنا وهناك من النوع الذي يرى ويحلم ويتفاعل وكان المرحوم الجابري منهم ..كان يعي بالفرق بين الكتابات والأساليب وتعدد الأصوات..كان يكتب بشكل آخر ولكنه لم يكن يرى عوالم الكتابة من منظاره الوحيد..لا يوجد في الكتابة الحرة دكتاتورية ولا حتى ديمقراطية ..ليس لها قوانين الدنيا وسياساتها ولا قضاؤها أو قدرها ..فيها رؤى ..وليس من اليسير أن تتكون لك رؤية ..أعسر ما في الرؤى حين تنحت أن تصل أحلام الخواص إلى درجة تصبح فيها كفلق الفجر .. تصبح نبوءة في عصر يقل فيه الأنبياء..

الصفحات