أنت هنا

قراءة كتاب النظام السياسي في تركيا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظام السياسي في تركيا

النظام السياسي في تركيا

كتاب " النظام السياسي في تركيا " ، تأليف د أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 8

وقد اقتنع عبد الحميد بقبول فكرة الدستور، حيث طلب الى مدحت ان يقدم له مسودته ليطلع عليه، وبعد تقديم المسودة لعبد الحميد، رفض الاخير المسودة، اذ كتب الى مدحت ما يأتي: (اطلعنا على لائحة القانون الاساسي التي قدمتموها الينا بصورة خاصة، ولاحظنا وجود اشياء فيها لا تتفق واستعداد المملكة وقابليتها، ولما كانت افكارنا متوجهة الى وضع ادارة صحيحة تكفل للمملكة المستقبل الحسن، فاننا سنتلقى المساعدة التي تبذلونها في هذا الشأن بمزيد من التقدير والعطف. وغاية ما نرجوه من التنظيمات الجديدة المنوى اعلانها، التوفيق بين حاجات الامة وحقوق الدولة, وعليه اطلب اليكم ان تبينوا للصدر الاعظم بعد سلامي عليه وجوب طرح مشروع مسودة الدستور على بساط البحث والمذاكرة. ولي وطيد الامل بان حميتكم الاسلامية ستحمّلكم على اظهار رؤيتكم ضمان نطاق مقاصدنا، واحبذ ان تبقى هذا السر مكتوماً بينكم وبين الصدر الاعظم(61).

واجاب مدحت باشا على رسالة عبد الحميد قائلاً:( اننا لا نجد وسيلة للخلاص من موقفنا العصيب الحاضر، الا بسلوك احد الطريقين: أما ان نعمل على اصلاح امورنا الداخلية وفقاً للوعود التي قطعناها لدول اوربا قبل ارفضاض مؤتمر الدول الست المنعقد الآن في الاستانة وسيتم ارفضاضه بعد ثلاثة ايام. واما ان نقبل بما ستقرره دول اوربا بحقنا،، ونرضي بحكم الوصاية الذي سيفرضونه علينا مدى حياتنا، فان لم نتبع الطريق الاول قبل ارفضاض المؤتمر، فالطريق الثاني مهيأ لنا لا محالة)(62).

كان الدستور بالشكل الذي قدمه مدحت باشا يتألف من 140 مادة، وبعد مناقشات طويلة مرهقة حذف منه 21 مادة فبقي 119 مادة، ولما عرض على السلطان اجرى فيه تعديلاً في المادة 113، حيث تقرأ بالشكل الآتي:

( للسلطان الحق بطرد ونفي من يجد فيه خطراً على سلامة الدولة الى خارج حدود المملكة العثمانية(63) وحفظ لنفسه بموجب المادة السابعة(64) حق غلق المجلس متى ما اراد، كما انه اجبر مدحت باشا على جعل الذات الملكية مصونة وغير مسؤولة بموجب المادة الخامسة منه(65).

ان الصدر الاعظم رشدي باشا لم يوافق في بداية الاجتماع اساساً على مناقشة هذا الموضوع، مشيراً على معارضة الشعوب الاوربية للنظام الديمقراطي، مؤكداً عدم ملاءمة النظام الدستوري للدولة العثمانية(66)، أما فيما يخص شيخ الاسلام،فانه اصدر فتوى جاء فيها:( ان الدولة تعهد بكم ـ وهو يخاطب الصدر الاعظم ـ كيف يمكن جمع الاتراك من الاناضول وروميليا لاستشارتهم في شؤون الدولة ؟ انه من الضروري الرجوع الى الشريعة في مسائل الشؤون الخارجية، ومن الممكن ان تستعين بالفتوى المقدس عندما تقع في شك في مسألة من المسائل)(67).

ان الصدر الاعظم وشيخ الاسلام،عارضا اساساً الاصلاحات الدستورية،(68) لان مفهوم السيادة عندهما لا بد ان يقوم على النظرية السياسية الاسلامية والتقاليد العثمانية. وعلى هذا الاساس فقد اتهم الصدر الاعظم رجال الحركة الدستورية بتقليدهم للراديكالية الاوربية، حيث اطلق عليهم مصطلح( الحمر)(69).

وفي نهاية الامر اعلن مدحت باشا الدستور بمرسوم ملكي من قبل السلطان عبد الحميد(70) وذلك في 23 كانون الاول عام 1876 وقد أكد هذا الدستور نقاطاً سبعاً هي:

1- السلطان 2- الوزراء 3- البرلمان 4- القضاء 5- حقوق الافراد 6- ادارة المقاطعات 7- مواد متفرقة(71).

وبموجب دستور عام 1876، تم تشكيل مجلس نيابي على غرار المجالس النيابية في بعض البلدان الاوربية مثل فرنسا وبلجيكا، وقد جاء في هذا الدستور ان الاسلام هو دين الدولة، ولكنه ضمن للناس في الوقت ذاته حرية الفكر والمعتقد ضامناً حقوق جميع الرعايا من المذاهب المختلفةضمن اطار القانون والنظام(72).

فضلاً عن منحه الحريات لجميع الملل الاخرى في الدولة، كما نص هذا الدستور على تكوين المجلس العمومي الذي يتكون من مجلسين، ويسمى مجلس( المبعوثان) ويضم 150 عضواً، ويسمى الثاني مجلس الاعيان، حيث تقوم الدولة بتعيين اعضائه(73). واكد هذا الدستور حرية المطبوعات والغاء مصادرة الاموال واستخدام التعذيب في التحقيقات والسخرة وعزل القضاة دون سبب شرعي(74).كما ذهب هذا الدستور الى افساح المجال امام العثمانيين جميعاً لتسلّم المناصب الرسمية وبصورة من المساواة، كما اكد هذا الدستور مبدأ التمثيل الشعبي عن طريق الرجوع الى مجلس( المبعوثان) واشار الدستور الى ميزانية الدولة التي يشرف على وضعها المجلس(75). كما نص هذا الدستور على تأسيس مجلس وزراء يتولاه رئيس الوزراء الذي يقوم على ادارة السياسة الداخلية والخارجية. ولكن السلطان كان يقوم على تعيين رئيس الوزراء وشيخ الاسلام، أما بالنسبة للوزراء فيتم تعيينهم بأوامر سنية(76).

وتجدر الاشارة في هذا المجال، الى ان الانتخابات سارت في الحقبة الواقعة بين 1876ـ1877 بموجب دستور عام 1876، حيث تم وضع قانون للانتخاب في عام 1877، ولكنه لم يصبح قانوناً حتى بعد عودة دستور عام 1876 في عام 1908. إذ كانت الانتخابات تجري بموجبنظام المقاطعات(77).

وقد انتخب مجلس للنواب وجرت الانتخابات تحت اشراف الموظفين المحليين، وحريّ بالذكر في هذا المجال ان النواب لم تكن لهم خبرة في ادارة المناقشات البرلمانية، ومع ان رئيس المجلس كان احمد وفيق باشا والذي لم تغير الشيخوخة رأيه في ضرورة تجنب كل ما من شأنه اضعاف القوى التي توحد الدولة(78).

ان المناقشات البرلمانية لم تكن لم تكن مصطنعة بل حقيقة عرضت فيها الآراء السياسية، وانتقد الوزراء وموظفو البلاط، لا بل ظهرت خلالها الى الوجود فئة معارضة(79).

الصفحات