أنت هنا

قراءة كتاب دروس التفكيك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دروس التفكيك

دروس التفكيك

كتاب " دروس التفكيك " ، تأليف د. حسام نايل ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 2

مقدمة الطبعة الأولى

إخلاص مزدوج

(1)

مضى زمن كنا نطالع فيه دروس الأدب التطبيقية على النصوص، وحين كنا نفرغ من القراءة نشعر بشيء من الرضى ناتج عن حسٍّ عام بالوحدة والتناغم- أو التوافق- مع النفس ومع الآخرين. أو قد يُهَيِّجُ فينا ما نقرؤه رغبة غامضة في التحريض واستشعار القدرة على التغيير حتى نصل- أيضًا- في نهاية الطريق إلى حسٍّ عام بالوحدة والتناغم أو التوافق مع النفس ومع الآخرين. وذلك مسعى كل الناس على اختلاف مشاربهم. وقد كان ما نقرؤه يتجاوب مع كل شيء آخر: ما نطالعه في الصحف أو ما يبثه لنا مبنى الإذاعة والتلفزيون أو ما نحياه يومًا بعد يوم على صعيد الأسرة والعائلة أو على صعيد العمل: التوافق أو الاختلاف الذي يسعى في النهاية إلى التوافق. وقلْ مثل ذلك على مستوى الممارسة السياسية. لكن هذا الزمن قد ولَّى، ولا أعرفُ إنْ كانت له رجعة أم لا. أنا لا أضمن للقارئ- بعد فراغه من قراءة هذا الدرس- مشاعر أيٍّ من الحاليْن السابقيْن. وما قد أَعِدُ به القارئ هو العنف: شَنُّ عنف من بعد عنف. لكنه نوع من العنف البارد لا يتجاوز حدود الغرفة التي كتبتُ فيها هذا الدرس، وحدود الغرفة التي تطالع فيها أيها القارئ هذا الدرس، وإني لأرجو ذلك. إنه نوع جديد من المشاعر: ساخر وهازئ ومختال. لكنه مدمر صامت. الفاصل فيه بين جحيمين جدار، لا رغبة لنا في اعتلائه أنا وأنت، أليس كذلك؟

أعرفُ الكلمة التي تقف على لسانك الآن: السقوط. نعم هي متعة جديدة: معاينة سقوط الذات وسقوط المؤسسة الأخلاقية أو الاجتماعية أو السياسية أو الأدبية أو الأكاديمية أو سَمِّها ما شئت، فالتفكيك يعلمنا أن كل الطرق ستؤدي إلى القاهرة. ألسنا كلنا هذا الشيء الذي يسقط؟ ليس خليقًا بنا والحال هكذا أن نظن بأنفسنا ظنونًا لسنا عليها. أنت وأنا نعرف هذه الألعاب البلاغية العتيقة. وقد انتشرت رائحة كريهة. ومع ذلك: لا بد من التريث. ما رأيك فيمن يعلو وهو يسقط؟ ألم تجرب حالة كهذه من قبل؟

قد يأخذ الدفاع عن الأخلاقية عمومًا- أيًّا كانت اجتماعية أم سياسية- شكلاً مقلوبًا في نصوص الأدب. تمهلْ إن شئتَ على سبيل المثال أمام نص منتصر القفاش «أن ترى الآن» أو أمام نصوص مصطفى ذكري. إنها نصوص تنذر بخطر كبير. وكنت أحسب أن الخطر بعيد، بيننا وبينه عشرات السنين، فإذا به قائم. انظر مثلاً- مع فارق كبير (والحق أني لا أعرف لأيّ حساب يعمل هذا الفارق)- إلى نص أحمد العايدي «أن تكون عباس العبد». أعرف أنك تستنكر إشارتي الأخيرة، وقد تنصرف بسببها عن استكمال القراءة. أنا أيضًا أستنكرها. لكن طرق الأدب عميقة لا يُسْبَرُ غَوْرُها. التريُّث مطلب لا بد منه. ولا تفزعنَّ من بيت يتقوَّض، فقد يكون الخير في ذلك. ولأننا لسنا متيقنين فعلينا مراقبة هذا التقوض. لا بد من المراقبة حتى نتعلم شيئًا جديدًا، وإذا شاركنا فقد نتعلم أكثر. اعطفْ على سوأتك فقد ترى خلفها ما تطيب به نفسُك. أما يكفي ما قد فات حتى نبدأ تعلمًا جديدًا قد يهدينا سبيلاً. أتريد حقًا خيرًا مما سبق: إني متشكك وليست لي قدرة على حسم الأمور.

الصفحات