كتاب "تحولات الصورة" للكاتب أثير السادة، يناقش من خلاله أهمية الصورة على واقعنا المعاش من كافة جوانبه، الاجتماعية والسياسية، فهل الصورة فعلاً تختصر تعقيدات الحياة، وتختصر تناقضاتها؟
قراءة كتاب تحولات الصورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
الكاميرا تهبك الكثير كلما وهبتها عينيك، ولطافة حسّك. لكنّها لا تهبك الاختصار. ربّما تهبك كلاماً كثيراً على صورها. لكنها أيضاً بين الحين والآخر تلقنك درساً من دروس الخيبة، تنزع به منك كلّ ما تعرفه عنها وعن صورها بنات الواقع. سوف تنتج صوراً أقل من عادية، ليس فيها ممّا كنت ظننته أن تضعه فيها. ما في خاطرك لم يأت، ولم ينعكس على بناتها. وما أنتجته من صور كأنه ليس من تصوريك. ينال منك الإحباط بها، وتظنّ أنّك عاجز. وهي إذ تفعل ذلك بك ليس في نيتها أن يكون درسها الأخير. ستعود للنيل منك ربّما في اليوم الثاني، غداً، أو بعد لحظات، أو بعد أيام. حينها عليك إعادة النظر في علاقتك بها وفي نواياك اتجاهها، وأن تتربص لنواياها اتجاه عينيك أيضا، وأن لا تتأفف كثيراً من درس التواضع أمام الكاميرا.
يحدث ذلك في الكتابة أيضاً، فلا يعود الطقس الذي أنت فيه هو ما كنت ترجوه. تغلق أوراقك، أو تلملم صفحات شاشة الكمبيوتر وتغادر. هما – التصوير والكتابة – لا يتشابهان لكن بينهما علاقة شبه من وجه، هو وجه الناظر عبرهما. الكتابة تقبل بعض الكذب، والصورة لا تكون حتى يكون الكذب كلّه فيها. ويحدث ذلك كله أيضاً في الكلام على الصورة الذي يثيره هذا الكتاب كثيراً، وفي مواضع مختلفة خصوصا عند المرور بتزويلات رولان بارت وكلامه على الصورة.
أثير السادة يملك حساً غير عاديّ بالمكان، بتصويره فوتوغرافياً، وبالكلام المفتوح على الصورة، والمسرح، وثقافة رصينة في الصورة، ومن ثمّ تأثير كلّ ذلك في تحويل نقده للصورة بما يشبه مسرحة لهذه الصورة الفوتوغرفية. وهو إذ يفعل ذلك أجد كلامه على الصورة ونقده لها ليس شرحاً لهذه الصورة. بمعنى آخر ليس من النوع الذي يظن أنَّ الناظر للصور لا يمتلك حساً واعياً بها، وعليه ينبغي لفت نظره لكلّ شيء في الصورة، ووضع تأويلات للأحداث فيها.
شكرا لك يا أثير.. استمتعت بكتابك كثيراً.
حسين المحروس
المنامة / ٢٣ نوفمبر ٢٠١٠