كتاب "تحولات الصورة" للكاتب أثير السادة، يناقش من خلاله أهمية الصورة على واقعنا المعاش من كافة جوانبه، الاجتماعية والسياسية، فهل الصورة فعلاً تختصر تعقيدات الحياة، وتختصر تناقضاتها؟
قراءة كتاب تحولات الصورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
كانت الصورة الفوتوغرافية بحسب الدراسات السيميولوجية أقرب أشكال التمثيل مطابقة لموضوعاتها، بمعنى أن الصورة تمثل حالة أيقونية في سلوكها العلاماتي، أي أن الدال والمدلول وفق التقسيم السوسيري لإنتاج الدلالة متقاربان إلى الحد الذي "نفقد فيه الشعور بأنها ليست الشيء نفسه"، مع التأكيد على قابلية الصورة أن تكون علامة شاهدية أو رمزية بحسب طريقة اتصالها بموضوعها.
غير أن مسألة المماثلة والتشابه كانت محل مراجعة جوهرية من جهة الطبيعة التمثيلية للتصوير الفوتوغرافي، حيث سعت منهجيات النقد الحديث إلى إخراج الصورة الفوتوغرافية من ميدان التبسيط والبحث عن مدخل جديد لاكتشاف "البنية الإدراكية" التي تحدد بها طبيعة العلاقة بين الصورة وموضوعاتها، وإعادة تعريف فكرة التمثيل الأيقوني المفترض في بناء الصورة.
وهنا نمت الجهود ناحية التمييز بين إدراك الصورة على مستوى وجودها وبين إدراكها على مستوى الدلالة والمعنى، فالصورة بما هي انعكاس تحيل على حادثة ما، وهذه هي الإشارة الصريحة على اتصالها بالحقيقة، أي حقيقة وجود الشيء المصور، غير أن ذلك لا يعني إدراكاً لحقيقة معناها، "فالتعرف على هذه الواقعة باعتبارها شيئاً موجوداً خارج الذات، عملية مختلفة عن عملية تأويلها وتحديد كامل دلالاتها داخل الصرح الثقافي الذي يحكم مجتمعاً ما..".
وعلى هذا الأساس ستقترح المقاربات النقدية والأبستمولوجية أشكالاً جديدة لسيرورة الدلالة في ميدان الصورة التي ستتخلص من طابعها الأيقوني ضمن فرضيات التلقي والاتصال الحديثة، وبناء عليه سيندرج المتلقي هو الآخر في معادلة البناء وتشييد المعنى، وسيسند إليه فعل القراءة والتأويل، مع الاحتفاظ بصورة المبدع/المصور كطرف آخر في معادلة الاتصال التي تمر من خلال وساطة الصورة.
ليس ثمة تمثيل بريء خال من ترسبات الذات، هذا ما ستقرره الدراسات الثقافية لاحقاً وهي تؤسس للمقروئية الجديدة لأشكال التعبير الفنية ومنها الصورة، ستصبح الصورة امتداداً لهذه الذات وترسباتها، معارفها ومواقفها، انفعالاتها التي سترسم حدود الصورة وأبعادها.