أنت هنا

قراءة كتاب لقد خلق جميع البشر متساوون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لقد خلق جميع البشر متساوون

لقد خلق جميع البشر متساوون

كتاب " لقد خلق جميع البشر متساوون " ، تأليف د.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 1

المقدمة

" انتفاضة الفلاحين " في مجال العلاج الطبي
لقد تربيت ونشأت في جزيرة صغيرة اسمها "توكونوشيما"، وهى جزيرة تابعة لمحافظة "كاغوشيما" (جنوب اليابان)، وقد فقدت أخي الأصغر الذي مات هناك بسبب ضعف الإمكانيات الطبية وهو في نعومة أظفاره.
وقد كان حادث فقدانه هذا - والذي أحزنني كثيراً – هو البداية الحقيقية لقراري الذي أخذت بأن أصبح طبيباً. وحين أصبحت طبيباً بالفعل اكتشفت أن واقع الحقل الطبي يبعد كثيرا عن الصورة الوردية المثالية التي كنت أرسمها في مخيلتي.
ورغم تلك المقولة الشهيرة التي تقول كلماتها "إن حياة إنسان واحد هي أثقل من الكرة الأرضية كلها"، فقد اصطدمت آنذاك بواقع أن أكثر الأمور التي يتم التعامل معها في اليابان بشكل غير مسؤول هي حياة الإنسان، ولهذا فقد كرست نفسي لإنشاء المستشفيات من منطلق مبدأ أنه "أضعف الإيمان أن أبدأ من نقطة العلاج الطبي حيث تبدأ درجا ت السلم طالما صرت طبيباً".
وهكذا وبينما كنت أواجه الكثير من المصاعب والعقبات صرت أنتبه شيئاً فشيئاً إلى أن القطاع الأكبر من مواطني اليابان يحملون مشاعر عميقة من القلق وعدم الرضاء من الوضع الذي يعيش عليها واقع العلاج الطبي بشكل أكبر مما كنت أتخيله، لدرجة إنني توصلت إلى نتيجة تفيد بأن أكثر الأمور تناقصاً وتأخراً في اليابان حالياً قد تكون قضية العلاج الطبي في حد ذاتها عن غيرها من القضايا القومية الأخرى.
وعالم الطب في اليابان هو أكثر المجالات صعوبة وقسوة وتعقيداً من حيث التحديات والانتماءات والمنافسات، وإنني أعتقد أن المفترض في مجال العلاج الطبي أن يكون قائما على عمودين أساسيين وهما: التقنية الطبية بالإضافة إلى مهنة الطب كمهنة إنسانية بحته، بحيث يتحتم أن تمارس هذه المهنة على أيادي أكثر البشر تحلياً بالصفات الإنسانية وبأعلى تقنية علمية ممكنة. لكن لسان الحال في الواقع يقول إن العكس من ذلك هو الواقع الحالي من حيث إنه منذ بداية فترة الإصلاحات في عصر "ميجى" (منذ حوالي 140 عاماً)، فإن مظاهر التأخر في تطوير التقنية الطبية واضحة للعيان، أما من الناحية الإنسانية فحدث ولا حرج حيث تتدهور الأمور نحو الأسوأ.
إن عدم تحسن أحوال العلاج الطبي على طول الخط يعود في رأيي إلى استحواذ مجموعة صغيرة من الأفراد على الأمور بحيث أصبحت المصالح الشخصية هي الأمل الأساسي الذي يتحكم فيه.
إن وجود فوارق بين الناس في المسكن والمأكل والملبس هو أمر طبيعي ولا جدال عليه، ولكن فيما يتعلق بحياة الإنسان فإن مبدأ المساواة يجب أن يكون هو المبدأ السائد.
هناك من الناس من يحكمون عليّ ظلماً بأنني يساري أو يميني، لكن مثل هذه الإيديولوجيات لا تعنى من الأمر شيئاً. إنني فقط أنادى ببناء المزيد من المستشفيات في طول اليابان وعرضها من منطلق يشبه "انتفاضة الفلاحين" الشهيرة (انتفاضة حدثت باليابان منذ أكثر من 150 عاماً قام بها الفلاحون للمطالبة بإزالة الظلم القائم عليهم من جباية الضرائب وشظف العيش)، وهو موقف قائم على شعور داخلي جارف بالغضب وبالحزن إشفاقا على الفقراء. أي أن ما أقوم به الآن هو " انتفاضة العلاج".
إنني فقط أقف في جانب من يصيبهم الضرر من المواطنين البسطاء وأحاول التحرك من أجلهم في مواجهة من أفسدوا مجال الطب في اليابان.
إنني من خلال تجربتي الطويلة في معترك الحياة الطبية أو من إيمان قوي بأن الشعب بجميع طوائفه يجب أن يكون مشاركاً أساسيا في عملية تغيير حتمية حيث إن قضية العلاج الطبي ليست بذلك الأمر المعقد الصعب الفهم. لقد كان ذلك أهم شيء أردت قوله من خلال هذا الكتاب حيث إنني وقفت موقف المواطن الذي يحتاج العلاج ونظرت إلى الأمور من منظوره. فمن أجل ممارسة "العلاج الحقيقي" يجب أن تتضافر جهود كل فرد من أفراد الشعب ويجب أن يكون الشعب نفسه هو الرقيب على مسار العلاج الطبي وأن يقوم بتنظيمه بنفسه. ومنذ نهايات عام 1978 بدأت وسائل الإعلام اليابانية تتناول النشاط الذي تقوم به مجموعتنا وهى "مجموعة توكوشوه" ورغم أن الإنجازات التي نفذناها لا تتعدى أن تكون أصداء إلا أنه ما قمنا به كان كثيرًا جدًا وكانت التطورات سريعة متلاحقة بشكل آثار الدهشة وسط أوضاع متداخلة غير واضحة المعالم خصوصاً في خلال الستة أشهر الأولى من انطلاقنا.
كما أنه خلال تلك الفترة تكررت طلبات كثيرة من دور النشر لي ولزملائي للكتابة عن التجربة التي نخوضها، غير أننا اعتذرنا عن تلبية تلك الطلبات لإيماننا بأن ما نفعله لا يصل إلى درجة أن يستحق إصدار كتب عنه.
ولكن النتيجة التي حدثت في الواقع هي قيام خمسة أو ستة دور للنشر بأخذ قرار إصدار كتب عن نشاط مجموعتنا، ولهذا قررت أن أكتب بقلمي كتاباً بغرض مواجهة سوء الفهم الذي أحاط بنشاطنا وكذلك بغرض محاولة معرفة أكبر عدد من الناس لما أقوم به أنا وزملائي ولتعريفهم بشخصيتي وفكري.
لقد أصبحت أكرس نفسي للكتابة على مدى شهرين بشكل مكثف حيث اقتطعت من وقتي يومياً حوالي خمس ساعات وكأنني عدت بعقارب الساعة إلى الوراء لأعيش إحساس طالب في المرحلة الإعدادية يكتب موضوعات الإنشاء أو يستعد لدخول اختبار الثانوية العامة، لكنني في النهاية لم أستطع التعبير سوى عن نصف ما كنت أريد قوله وذلك بسبب ضعف قدرتي الحرفية على الكتابة.
بيد أننا –ولأضعف الإيمان – نرغب في أن يتفهم الناس وجهه نظرنا من حيث أننا كنا على طول الخط نقف في صف الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة ونتحرك من منطلق آمالهم وأمانيهم.
لقد التقيت بالكثير من الناس حتى الآن، وكان منهم عدد ليس بقليل ممن يبذلون الجهد دون مقابل في سبيل مساعدة الضعفاء. وإنني أتمنى بتضافر الجهود مع هؤلاء المتعاونين أن نصل إلى بناء مجتمع متفائل واعد صحيح معافى.
وفي نهاية المقدمة أود أن أذكر أن المكافآت المالية التي تلقيتها من وسائل الإعلام التي كتبت وتحدثت عنى وعن زملائي وكذلك المكافآت التي حصلت عليها عن محاضراتي العامة التي قمت بإلقائها تبرعت بها لجمعية "تحسين الخدمات الطبية للمجتمعات الصغيرة"، وهى الجمعية الأهلية التي تشكلت بهدف تطوير خدمات العلاج الطبي، وإذا حدث ولقي هذا الكتاب إعجاب الكثيرين من القراء ونجح في انتشاره فإنني أنوى أن أصب كل الدخل الذي سأحصل عليه من توزيع هذا الكتاب من أجل تفعيل حركة إصلاح مجال العلاج الطبي في اليابان.
المؤلف
د. توراو توكودا

الصفحات