أنت هنا

قراءة كتاب الإسلام والعلمانية في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والعلمانية في العالم العربي

الإسلام والعلمانية في العالم العربي

كتاب " الإسلام والعلمانية في العالم العربي " ، تأليف حيدر عبدالله شومان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

4-عصر التنوير: (Enlightenment)

ينقل الدكتور المسيري تعريفاً لحركة التنوير من أحد المعاجم الفلسفية بأنها حركة فلسفية في القرن الثامن عشر تتميز بفكرة التقدم، وعدم الثقة بالتقاليد، وبالتفاؤل والإيمان بالعقل، وبالدعوة إلى التفكير الذاتي والحكم على أساس التجربة الشخصية (33).

ولقد أُخذت التسمية مجازاً من النور المقابل للظلام الذي عاشه الأوروبيون لقرون طويلة يتخبطون في متاهاته. فعصر النهضة والتنوير (Enlightenment) ما يقابل أوروبياً العصر الوسيط، أو القرون الوسطى.

اعتبر فرانسيس بيكون (1561-1626) وغاليلو (1564-1642) وتوماس هوبز (1588-1679) وغيرهم من الفلاسفة والعلماء التجريبيين، أن سعادة الإنسان وتخفيف معاناته يجب أن يكونا الهدف الأساس للمعرفة، وهذا يتجلى في التجارب الحسية والبراهين الضرورية بعيداً عن الدين واللاهوت وأية قداسة في قديم لم يعد له حيز مؤثر على أرض الواقع.

وبعد أن تخلى الإنسان عن عبادة الله إلى عبادة الطبيعة، نجده يتجه إلى عبادة الإنسان نفسه بعد الطبيعة وبعد الله. ولا ننسى الأثر العميق الذي أحدثه إحياء كلا التراثين اليوناني والروماني في إضفاء النزعة المادية على الحياة والوجود والإيمان الذي لا يصب موقعه إلا في ما يُدرك بالحواس ويَخضع للتجربة ويكون العقل في كل ذلك هو الفيصل. لذلك فلا غرابة أن يُعرف عصر التنوير بعصر العقل، والعقل نور حُرمت منه القرون السابقة على الرغم من القفزات الهائلة والتطور العلمي الكبير في خلال عصر النهضة.

إلا أن العقلانية لم تصبح جاهزة وقابلة للتطبيق إلا في هذا العصر، وبالتالي فإن التغيير أصبح أمراً حتمياً أكثر من أي وقت مضى.

إن شيوع المغالاة في العلم ورواج الاتجاه التحويلي (الذي كان يؤمن بأن جميع الظواهر ستفسر أخيراً بقوانين الفيزياء) بشكل متزايد، جعل الدين عرضة للتهديد وساهم في سيادة اللادينية. وفي تلك الأجواء كانت المسيحية التقليدية تعد عدواً للعقل بينما أصبح العلم هو الطريق الوحيد لتحصيل السعادة. لقد تخيل أولئك أن الإنسان يتمكن بالعلم وحده أن يشيد الفردوس على الأرض، وأن يستأصل شأفة الشرور من العالم (34).

ونتج من التقدم العلمي والتكنولوجي للإنسان، والواقع الديني الكنسي في فساد أهله، وثقة الإنسان بقدرته المطلقة على إخضاع الطبيعة لما فيه خير له، نتج من كل ذلك بروز مذهب ما يعرف بـ(الإنسانية). حيث حلول الإنسان مكان الله، وبالتالي انقطاع الصلة بالسماء، إما لعدم الإيمان بوجود عالم آخر غير العالم المادي، وإما استقلال الإنسان عن ذلك العالم الغيبي في حال وُجد، حيث إن الله خلق الإنسان وتركه وشأنه، أو إنه عاجز عن التأثير في قضائه وقدره. وفي كل الحالات، أصبح الإنسان الوسيلة والغاية، بل أصبح محور القيم والأخلاق والأمور كافة.

الصفحات