كتاب " السلاحف " ، تأليف نادية كريت ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب السلاحف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
السلاحف
المشهد الثالث
عليا:
بس مين من أصحاب دكاكين التعليم الخاص بيدفع تعويض صرف؟؟ بيوصل فيك الأمر للمحامي والدعاوي تكاليفها باهظة... وبالنهاية بيضيع الشنكاش!! التعليم الخاص قلق مستمر لأجل هذا القانون والتعليم الرسمي في هذه الحال هو الطمأنينة الوحيدة. قرب كل مدرسة خاصة أو دكانة، في مسلخ تفوح منه رائحة الدم!! طفلي ضاع في هذا المسلخ حيث الروائح الذكية ومجاري الدم! أشعر بضجيج دموي في داخلي، هدير أحمر منذ الحادثة. أساساً معاش خمسمائة ألف ليرة بحد ذاته معاش سلخ. ثم يأتي السكين الأكثر حدية ــــــ الصرف الكيفي وتُمتص دماء الأساتذة، كدماء الشهداء التي تمتصها الأرض؛ ولكن في تلك الدكاكين التي لا تعرف الأرض والسماء، يمتص المدراء الذين هم بطبيعتهم من أجشع التجار هذه الدماء، يمزجون تلك الدماء بعرق الأساتذة الصافي ثم يبتلعون كل شيء!! الى متى سيبقى هذا المزيج قابل للابتلاع؟ كلما ازداد جشع المدير، يُصبح هذا المشروب المزيج المالح أكثر طيبة وحلاوة. متى سيفرغ هذا الكأس من مضمونه؟؟ متى؟؟ الدكاكين الخاصة تُفرخ في كل المناطق بلبنان؟؟ مثل الفطر السام، طعمته مرة وثمن أكله عالي، ثمنه الموت، متى يُقتلع هذا الفطر من أماكنه؟؟ حاول أساتذة كثير غيري دون جدوى! أنا عليا، شو قادرة إعمل؟؟ يمكن إقدر إعمل شيء؟؟ ما بعرف جرحي لوين بده يوصلني؟؟ ما بعرف. الشغلة شغلة دولة، شغلة نظام قائم بحد ذاته. أعرف إنو جنيني ابتلعه المسلخ... معاش خمسماية الف بدفع أجار الغرفة التي نعيش فيها أنا وزوجي كذلك الأكل!! زوجي وضعه المادي تعتير بسبب كساد شغله بعملية الاستيراد من الخارج! مات الإنتاج المحلي! يجب أن يُغير عمله! حالياً أنا المسؤولة عن البيت... مصروفنا بسيط جداً، يا دوب الأكل!! وكيف كنت بدي اتحمل مصارفات طفلي الآتي؟؟ الألف ليرة لدينا خط أحمر! اللقمة حمراء! الدم الذي ما زلت عم إنزفه أحمر!
النظام الرأسمالي أسود قاتم (أضواء سوداء) لا خلاص فيه!! لن نستطيع الاستمرار في وطن كهذا! لن نستطيع الاستمرار... الجشع قضى على جمال الوطن، على طمأنينة العيش... الرأسمالية حدباء، حدباء!! كل شيء أمامي أسود أحدب!! حدباء وبقباحة وبقساوة السلحفاة، ولكنها سلحفاة من نوع آخر! سريعة المُضي والانتشار، الكون كله أَحدب!!! الكون كله أحدب.....