أنت هنا

قراءة كتاب مقالات الإصلاح السياسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقالات الإصلاح السياسي

مقالات الإصلاح السياسي

كتاب " مقالات الإصلاح السياسي " ، تأليف صلاح بن يوسف الجودر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

جمعيات سياسية أم حصالات نقود؟!

بعد أن أقر مجلس النواب قانون الجمعيات ثارت حفيظة بعض الجمعيات السياسية والحقوقية من ذلك القانون والتزمت الأخرى (كالعادة) السكوت، لقد ثارت حفيظة تلك الجمعيات بعد الموافقة الماراثونية في مجلس النواب على مثل هذا القانون الذي اعتبر (لدى بعض الجمعيات) أسوأ من قانون أمن الدولة سىئ السمعة!!.

لقد رأت تلك الجمعيات أن قانوناً بمثل هذه الأهمية يجب أن يأخذ حقه من الدراسة والتحليل، وأن تعاد غربلة بعض مواده أو تحريرها من القيود، لقد رأت تلك الجمعيات أن القانون الجديد الذي رفع إلى مجلس الشورى فيه قيود تعيق تكوين تلك الجمعيات أو المساهمة في رقيها وتحسين أدائها.

ومن تلك القيود التي تتحفظ عليها تلك الجمعيات المادة التي تحدد الانضمام إلى الجمعيات بسـن الحادية والعشرين، الأمر الذي سيحرم شريحة كبيرة من الشباب الانخراط في تلك الجمعيات وتوظيف طاقاتهم، والمادة التي ستعطي الوزير المختص الصلاحية الكاملة للموافقة أو الرفض لتأسيس تلك الجمعيات، والمادة التي ترفض التمويل الأجنبي والدعم اللوجستي المتمثل في الورش والمؤتمرات التي تستفيد منها تلك الجمعيات، لذا قامت بعض الجمعيات بالتنسيق فيما بينها لمواجهة هذا القانون بالأساليب الدستورية سواء بمخاطبة مجلس الشورى أو باللجوء إلى جلالة الملك.

وعند إعادة النظر في قيام تلك المؤسسات والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى نجد أنها من إفرازات المرحلة الجديدة التي دشنها جلالة الملك حينما وضع ميثاق العمل الوطني الذي توافق عليه الشعب بنسبة 98.4 %، هذه الجمعيات التي أقامت المهرجانات والأنشطة والفعاليات في سبيل دعم المجتمع والنهوض به، فبرزت تلك المؤسسات بتعاطيها الهادئ والمدروس من جهة، والغوغائية وعدم الالتزام بالقانون من جهة أخرى!!.

لقد عرف الأستاذ عبد الغفار شكر المجتمع المدني بتقسيماته وتنظيماته بأنه (مجموعة التنظيمات التطوعية المستقلة عن الدولة..، هذه التنظيمات التطوعية تنشأ لتحقيق مصالح أعضائها كالجمعيات الأهلية والحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية، كما تنشأ لتقديم مساعدات أو خدمات اجتماعية للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة)، انظر كتاب اختراق المجتمع المدني في الوطن العربي.

فمع عهد الميثاق ازدهرت لدينا تجارة مؤسسات المجتمع المدني التي بدأت بأعداد لا تتجاوز أصابع اليد، حتى تفرعت وتشعبت بعد الانقسامات المعلنة داخلها سواء بين الصقور والحمائم، أو بين النخب والأتباع، أو بين أصحاب الولاءات الوطنية والولاءات الخارجية، لقد أصبح ظاهراً للعيان أن تلك المؤسسات والجمعيات تشهد انقسامات جديدة، معلنة ولادة جمعيات جديدة قبل انتخابات 2006م التي ستتحول بدورها إلى مراكز قوى في المجتمع بعد فشل الكثير من الجمعيات الحالية من تقديم حلول للقضايا المجتمعية الحالية.

لذا فإن الإشكالية الكبرى التي تتحسس منها الجمعيات السياسية والتي تعتبرها كالأكسجين للإنسان هي موضوع التمويل الخارجي، هذا التمويل الذي تعتمد عليه تلك الجمعيات في بناء مقارها وتنظيم مهرجاناتها وإرسال أعضائها إلى الخارج للمؤتمرات والمشاركات الخارجية، فالتمويل الخارجي من أبرز القضايا التي تسعى تلك الجمعيات للتمسك به والدفاع عنها، بل وتلهث وراءه لجمع الأموال وتكديسها وكأنها حصالات نقود!!.

ولو نظر الفرد منا إلى تلك الأموال المحصلة والموزعة على الكثير من الحسابات البنكية سواء باسم تلك الجمعيات أو بأسماء أعضائها (سراً) فإنه سيرى العجب العجاب، لأن الكثير من تلك الجمعيات التي تقوم بجباية الأموال من الخارج ما عليها سوى تقديم الكشوفات والتقارير لمموليها في الخارج، الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة لتلك الجمعيات من سقوط أعضائها في مستنقع التمويل الخارجي والتبعية المؤدلجة!!.

لذا يخشى المراقب والمتابع لنشاط قادة تلك الجمعيات أن يحققوا الثراء والغنى على أكتاف أتباعهم تحت بند التمويل الخارجي، كامتلاك البيوت الضخمة بعد تغيير عناوين سكنهم، والسيارات الفارهة التي يجوبون بها الطرقات ليلاً، والسفرات والمشاركات الخارجية، كل ذلك من خلال مقاعدهم الرئاسية في تلك الجمعيات، الأمر الذي سيغري الكثير من الناس بطلب تأسيس جمعيات جديدة ترفع شعار الوطنية والنضال والحقوق من أجل فتح حسابات بنكية لاستقبال التمويل الخارجي، فيكفي الفرد أن يجمع عدة توقيعات توافق عليها وزارة الشؤون الاجتماعية حتى تُفتح له أبواب التمويل الخارجي والمعونات الدولية!!.

وعند مراجعة سلبيات التمويل الخارجي بجميع صوره نجد أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الولاء للخارج، مما يكرس الانتماء إلى الخارج والخضوع للمنظمات الأجنبية، الأمر الذي سينشر التحزب في المجتمع، فالتمويل الخارجي هو المغارة التي اكتشفتها تلك الجمعيات التي كانت تنادي في السابق بتوزيع الثروات والعدالة الاجتماعية ومحاربة المستعمر!.

لذا فإن من مخاطر التمويل الخارجي أن الممول بعد فترة السماح المتعارف عليها لدى رؤساء الجمعيات سيسعى للسيطرة على تلك الكيانات والتنظيمات الأسيرة لديه من خلال الضغط عليها وتهديدها بتوقيف تلك المنح والعطايا والهبات التي اعتادتها، فترضخ تلك الجمعيات لكل الإملاءات سواء أكانت أميركية أم إسرائيلية أم إرهابية أم حتى من بقايا محور الشر!!.

الصفحات