أنت هنا

قراءة كتاب وجه زينب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وجه زينب

وجه زينب

لا تَخفى أزمة الثقافة والقراءة عند الإنسان العربيّ على أحد. فهل ثمّةَ أزمةٌ في الشعر أم أنّ راهنيّتَه هي الحالة الطبيعية له؟

تقييمك:
3.5
Average: 3.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

في مَهَبِّ الشِّعر... وأزمتِه

لا تَخفى أزمة الثقافة والقراءة عند الإنسان العربيّ على أحد. فهل ثمّةَ أزمةٌ في الشعر أم أنّ راهنيّتَه هي الحالة الطبيعية له؟
ماذا إنْ تَساءَلْنا: أين الشِّعر اليوم؟ بل ما هو شكل الشعر/القصيدة اليوم؟ ما الغاية منه، وهل يؤدّي الشعر غايتَه؟ ما هي درجة تفاعُلِ الإنسانِ أو القارئِ العربي مع الشعر؟ أيَّ شعرٍ يريدُ القارئُ العربيّ؟
أزمةٌ في الشِّعر لا تَخفى على أحد.
وإذا اقتُصِر الحديثُ على الشعر العربي فحسْب، أمْكنَنا الوصولُ إلى تَشخيصٍ للأزمة، وهذا ما سوف أعتمده بعيدًا عن التعويلِ على مسار الشعر الأجنبي، وغاياتِه ولغتِه التي تُسقَطُ من قِبلِ الكثيرين بشكلٍ لا يوافقُ معطياتِ العقل العربي الموضوعية، والحاجاتِ الفكريةَ والأدبيّةَ للقارئ العربي.
أرى أنّ ذَنْبَينِ أَضَرّا بالشعر، لا أتعهَّدُ بغفرانٍ لأيٍّ منهما:
الذّنْبُ الأولُ هو تَراخي عقلِ القارئ العربيّ، وسعيُه وراء الاستسهال؛ استسهال التَلقِّي والتّعامل مع النِّتاجِ الفكريّ، العِلميّ منه والإبداعيّ.
أمّا الذّنبُ الثاني فهو اغتنامُ تيارِ "قصيدة النثر" نافذةَ الاستسهال لدى القارئ العربيّ، ودخولُه خِلسةً منها، مُروِّضًا الذائقةَ العربيةَ على سهولةِ التلقّي، ومُغرِيًا المواهبَ الضّحلةَ والأقلامَ القصيرةَ بسهولةِ كتابة الشعر.
برأيي، إنّ أَفْدَحَ الذَّنبَيْن، هو الإسقاطُ الأعمى لتجربةِ "قصيدة النثر"، والقصيدة اليومية، وقصيدة "الخبر الشعري" و"القصيدة المُمَسْرَحة" على شعرِنا العربيّ. هذا الأمر، وإنْ أَغنى النقاشَ الفكريّ حول الشعر، إلاّ أنّ البِنيةَ العقليةَ، والموقفَ النفسيَّ للقارئ العربيّ لم يكنْ مهيَّأً لتقبُّلِ شكلٍ شعريٍّ جديد، لم يَرَ في معظمِ تجاربِه إلاّ "فضيلةَ" التبرُّؤِ من الوزن والقافية. وهذا ما حوَّلَ غيرَ ذوي الموهبةِ، وكُتّابًا متجرِّدين من أدنى قواعد اللغة، إلى شعراءَ صَدّقوا تجاربَهم، وتوقَّفوا عندها.
أولُ سيئةٍ تُسجَّل على تجربة قصيدة النثر أنّها كانت ذريعةً لا غبارَ عليها لآلاف العاطلين عن العمل. وبهذا تَدنّى ثمنُ الشعر في بورصة الإبداع. "قصيدة النثر" أشرعتْ بابًا بل أفقًا واسعًا للاستسهال؛ استسهال الدخول إلى مغامرةِ الشعر...حين كانت شروطُها الوحيدة الابتعاد عن الوزن العروضيّ، الذي يعتبَر ظهيرًا استثنائيًّا للمعنى في مخاطبة النفس.
وفي الوقتِ ذاتِه، لا بدّ أن أشيرَ أنني من القراء الشَّغوفين بكثيرٍ مِن نتاجِ ما يُسمَّى بـ"قصيدة النثر"، وأنا من المُنحازين إلى التّجارِبِ الرائدة التي اجترحَتِ المدهشَ في حقل اللغة والمعنى.

الصفحات