أنت هنا

قراءة كتاب دراسات في الفلسفة - الفكر - الدين - السياسة - الثقافة - الأدب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دراسات في الفلسفة - الفكر - الدين - السياسة - الثقافة - الأدب

دراسات في الفلسفة - الفكر - الدين - السياسة - الثقافة - الأدب

يجلس المثقف النخبوي في مجلس القبيلة، يداعب وهم الانتماء إلى القوم، أو بالأحرى يحاول إيهام القوم بانتمائه من أجل تحريك جلمود الصخر القبلي الذي "خطّه السيل من علٍ" منذ أزمنة لم يمر عليها الزمن... كأن الزمن العربي زمن ذرّي لا يتواصل، أو رملّي بلا امتداد...

تقييمك:
3.5
Average: 3.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقدّمة

تقترب ساعة الزمن من السنة العاشرة لرحيلك، وكتاباتك لم يجفّ حبرها بعد، وقلمك الذي أتقن صياغة الكلمات في جمل معرفيّة مثقلة بفكرك النيِّر التنويري المنفتح لم يسترِحْ أو يتخلَّ عن رسالة فعل الحراثة والغرس (كما تعني كلمة ثقافة في اشتقاقها الروماني)، إيماناً منك «أنَّ الثقافة هي ممارسة إبداع الإنسان الاجتماعي وخلقه وعياً، أي بشراً سويّاً»، كما تقول في واحدة من دراساتك.

وها هو كتابك السابع الصادر بعد رحيلك خير شاهد على أدواتك المعرفيّة المتنوّعة المصادر والمنابع، الأحاديّة النهج الموضوعي البحثي الأكاديمي. لقد أعطيت الحقيقة ـ المعرفة كلَّك، فأعطتك بعضها، ولو أمهلك زمانك لوهبتك الحقيقة بعضها الآخر.

لقد تنوّعت موضوعاتك وأبحاثك، فجمعت من حقول المعرفة أغماراً، أصدرت بعضها كتباً قبل رحيلك، وتركت بعضها الآخر أمانة في أعناقنا ورحلت. جمعنا غلالك في كتب ستّة، تحت عناوين مختلفة، وبقي على بيدر حصادك غُمْرٌ واحد، تنوّعت موضوعاته وتلوّنت، نصدره في الذكرى العاشرة لرحيلك تحت عنوان «دراسات في الفلسفة والفكر والدين والسياسة والثقافة والأدب»، نهديه إلى روحك الحاضرة دوماً بيننا والمقيمة أبداً في المكان.

في هذا الكتاب يمتشق عفيف فرّاج قلمه ليكتب عن مفكّرين وكتّاب نخبويين، شغلوا المسرح الثقافي على امتداد عقود من الزمن. وعفيف السابح في بحور المعرفة يقتفي أثرهم الفكري، يغوص بحثاً عن مآثرهم، يسبر أغوارها بحثاً عن لآلئ الفكر المكتنزة داخل أصدافها. وجوه حفرت عميقاً في وجدان ثقافتنا الوطنيّة، من الشهيد حسين مروّة إلى محمّد دكروب وخليل حاوي، ومن الياس الديري إلى يوسف حبشي الأشقر وتوفيق يوسف عوّاد، ومن أحمد عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور إلى حبيب صادق ومحمّد الفيتوري، وصولاً إلى طلال سلمان.

وإضافة إلى هذه الوجوه الفكريّة والثقافيّة والأدبيّة النيّرة، يتضمّن الكتاب دراسات في «الأخلاق الثوريّة» و«التوحيد» و«حوار الحضارات في الإسلام» و«23 يوليو: إصلاح لا ثورة» و«سقوط النظام العراقي وتهافت خطاب العولمة» و«ضعف الأحزاب، قوّة القبائل» و«نحو علاقة جدليّة بين السياسة والثقافة» و«الأدب في الثقافة الوطنيّة».

يتزامن صدور هذا الكتاب مع الذكرى الأربعين لتأسيس «جريدة السفير» التي كان يعتبرها عفيف بيته الثاني. ونيابة عن روحه وعائلته وأصدقائه نتقدّم بما كثر وفاض وثقل من الشكر حتى تنوء تحته الكلمات من الأخ الكبير الأستاذ طلال سلمان رفيق عمره. فمن ميدان التحرير في القاهرة، وهما طالبا علم في جامعتها حيث تفتّح وعيهما السياسي، إلى بيروت الثقافة والكتاب، ومن ثمّ إلى «جريدة السفير»، رحلة عمر أزهرت صداقة قلَّ نظيرها، توّجها الأستاذ طلال، بشهامته ورفعته وصدقيّته، بإصراره على نشر كتاب عفيف، تكريماً له وتقديراً لفكره ووفاءً للصداقة التي جمعت بينهما، في الذكرى العاشرة لرحيله وفي الذكرى الأربعين لتأسيس «السفير».

والآن ماذا نقول عنك أيّها الغالي وهذا هو كتابك الأخير؟ ولكي لا نقع في فخّ العاطفة، التي قد يعتبرها البعض ضرباً من المبالغة، سنقطف باقة من كلام صديقك الشاعر الكبير المرحوم جوزيف حرب الذي رسمك بالكلمات حين قدّمك محاضراً عن «الثقافة الوطنيّة» في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي قائلاً:

«عفيف فرّاج المثقّف، الجامعي، الكاتب، صوت صافٍ، نقي، قوي شبيه بصوت البنّائين الذين لا يكفّون عن بناء حائط الأرض... يدقّق بين سعة النوافذ ودخول الشمس... في رائحة كلّ ما كتب عرق الروح، وكدح الوعي، وطريقة المترهبنين في دير لا صور فيه، إلَّا للحبر والورق، ولا رنّة أجراس على سطوحه، إلَّا لهذا القلب المسكوب من نحاسة الفجر... هو يعرف قدْرَه ككاتب ومثقّف... لم يطرح نفسه عند أيّ باب، لم يرسل يديه إلى أيّة مائدة، ولم يُنقص من طول قامته أمام أيّ مدخل. كان شامخاً نظيفاً، عميق الأثر... عاصفاً في الحقّ، صوّانيّاً في المواقف... صادقاً كوعد البحر بالموج وصارماً كقرار الأعاصير...».

وسأختم بكلام لك تتوجّه به إلى الكتّاب والمثقّفين قائلاً:

«ليمتشق الكاتب منّا قلمه، ويرشّ الحبر الأسود نقاط ضياء على جبين الزمن... وليشهر فارسنا سيفاً أنقى من خصلة الثلج على مفرق الجبل... وليعمل على توليد الإنسان الجديد في إطار مجتمع حرّ موحّد، وخلق حضارة إنسانيّة جديدة مستوحاة من ثقافتنا وقيمنا الإنسانيّة...».

فسلام لروحك أيّها الغالي من عائدة وطارق وفراس ونسرين، ومن حفيداتك وأحفادك، تالين وغريس ومارسيل وسيلين وفيدل.

عائدة خدّاج أبي فرّاج

الصفحات