أنت هنا

قراءة كتاب النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

كتاب " النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني " ، تأليف فطنة بن ضالي ، والذي صدر عن دار العنقاء للنشر والتوزيع والدعاية والإعلان عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

يستفاد من هذا الكلام أن الدارس لا يمكنه أن يكون قادرا على الحكم بالإجادة حتى يدرك في النصوص مراحل ثلاثا:

· معرفة الخطأ من الصواب وهي أدنى مرحلة.

· معرفة الحد الفاصل بين الإساءة والإجادة.

· معرفة طبقات و مستويات الإجادة.

ويدل ذلك على أن النظم ضرب من الإجادة، ويحصل فيه التفاوت والتفاضل، وليس معنى هذا أن جهل هذه المزايا والفروق في النظم، مقتصرة على العامة، ولكن في رأي الجرجاني، هي خفية حتى على بعض الخاصة أو كثير، كما قال في باب اللـفـظ والنظم: « واعلم أن مما أغمض الطريق إلى معرفة ما نحن بصدده، أن هاهنا فروقا خفية تجهلها العامة وكثير من الخاصة، ليس أنهم يجهلونها في مَوْضِعٍ ويعرفونها في آخر، بل لا يدرون أنها هي، ولا يعلمونها في جملة ولا تفصيل ».([21])

ليس توخي معاني النحو، والجهة المخصوصة، التي يتفاضل بها كلام عن كلام، إلا ما أسماه الجرجاني، في غير ما موضع؛ الالتئام بين الأجزاء، والاتساق، الذي يصفه تارة بالعجيب، وتارة أخرى بالمبهر، يقول في صدد حديثه عن إعجـاز القرآن: « فقلنا: أعجزتهم مزايا ظهرت لهم في نظمه، وخصائصُ صادفوها في سياق لفظه، وبدائع راعتهم من مبادئ آيه ومقاطعها، ومجاري ألفاظها ومواقعها، وفي مضرب كل مثل، ومساق كل خبر، وصورة كل عظة وتنبيه، وإعلام وتذكير، وترغيب وترهيب، ومع كل حُجة وبُرهان، وصفة وتبيان، وبَهَرَهُم أنهم تأملوه سورة سورة، وعُشْرا عُشْرا، وآية آية، فلم يجدوا في الجميع كلمة يَنْبو بها مكانُها، ولفظة ينكر شأنها أو يُرى أن غيرها أصلحُ هناك أو أشبهُ، أو أحرى وأخْلَقُ، بل وجدوا اتساقا بَهَرَ العقولَ، وأعجز الجمهور، ونظاما والتئاما، وإتقانا وإحكاما، لم يدع في نفس بليغ منهم، ولو حك بيافوخه السماء موضعَ طمع حتى خرست الألسن عن أن تدعي وتقـول »([22])، يحلل الجرجاني الآيات الكريمة مبينا النظم في أرقى صوره من الحسن مستدلا على سببه. قال في تفسير ذلك في قوله تعالى: ﴿َقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾، سورة هود آية 44، « وإن شككت فتأمل: هل ترى لفظة منها بحيث لو أخذت من بين أخواتها وأفردت، لأدت من الفصاحة ما تؤديه وهي في مكانها من الآية؟ قل: "ابلعي"، واعتبرها وحدها من غير أن تنظر إلى ما قبلها وما بعدها، وكذلك فاعتبر/ سائر ما يليها»([23])، وأسباب هذا التأليف والترتيب مرده إلى توخي المعاني بالأساليب التالية:

· النداء بيـا من دون أدوات النداء للأرض والسماء.

· إضافة الماء إلى الكاف.

· أمر الأرض، تم بعدها أمر السماء.

· بناء الفعل للمجهول "قضي الأمر" الدالة على أن ذلك بأمر آمر.

· تأكيد ذلك وتقريره بقوله "وقضي الأمر".

· ذكر فائدة ونتيجة هذه الأمور كلها، وهي "استوت على الجودي"

· ثم إضمار السفينة، وهو شرط الفخامة والدلالة على عظم الشأن.

· مقابلة قيل في الخاتمة بقيل في الفاتحة.

ويزيد ذلك إيضاحا، ما أورده محمد علي الصابوني، في تفسير الآية الكريمة تحت عنوان؛ "تنبيه": « هذه الآية بلغت من أسرار الإعجاز غايتها، وحوت من الفوائد نهايتها، وجمعت من المحاسن اللفظية والمعنوية ما يضيق عنه نطاق البيان »([24])، وأشار إلى قول أبي حيان التوحيدي، الذي عدد اللطائف في هذه الآية الكريمة، فجعلها، رحمه الله، واحدا وعشرين نوعا من البديع: « المناسبة في قوله "أقلعي ابلعي". والمطابقة بذكر "الأرض والسماء"، والمجاز في "يا سماء اقلعي"، والمراد مطر السماء، والاستعارة في "أقلعي" والإشارة في "غيض الماء" فإنها إشارة كبيرة إلى مجاز، والتمثل في "قضي الأمر"، عبر بالأمر عن إهلاك الهالكين ونجاة الناجين، والإرداف في "واستوت على الجودي" قصدا للمبالغة، والاحتراس في "بعدا للقوم الظالمين" وهو أيضا ذم لهم، والإيجاز وهو ذكر القصة باللفظ القصير مستوعبا للمعاني الجمة، وعدد بقية الوجوه وهي: الإيضاح، والمساواة، وحسن النسق، وصحة التقسيم، وحسن البيان، والتمكين والتجنيس، والتسهيم، والمقابلة، والتهذيب والوصف.»([25])
 

الصفحات