أنت هنا

قراءة كتاب النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني

كتاب " النظم بين القرآن والشعر في دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني " ، تأليف فطنة بن ضالي ، والذي صدر عن دار العنقاء للنشر والتوزيع والدعاية والإعلان عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

ويثبت الجرجاني أن أوجه التقديم أو التأخير في الكلام، يكون لغاية بلاغية، ولإفادة السامع معنى لا يمكنه أن يستفاد في غير هذا الأسلوب على صفته المعلومة وعلى ذلك، فإن التقديم والتأخير لا تكون معه إلا الفائدة ولا يكون إلا مفيدا للسامع ومبينا غرض المتكلم. ويرد على من قسم التقديم والتأخير إلى مفيد وغير مفيد، بتعليل منطقي، مفاده أن الكلام في حد ذاته في الاعتبار على الحال الواحد لا يفيد المعنى ونقيضه في الآن نفسه.

فيقول: « ذاك لأن من البعيد أن يكون في جملة النظم ما يدل تارة ولا يدل أخرى. فمتى ثبت في تقديم المفعول مثلا على الفعل في كثير من الكلام أنه قد اختص بفائدة لا تكون تلك الفائدة مع التأخير، فقد وجب أن تكون تلك قضيةٌ في كل حال»([37]). ويبدو أن هذا الفصل الخاص بهذا الأسلوب كثير التفاصيل والتفريعات، فهو يتناول التقديم والتأخير في الأحوال، والاستفهام بالهمزة والفعل الماضي:

- تقديم الفعل على الهمزة، إذا كان السؤال عن الفعل نفسه والشك في وقوعه.

- تقديم الفاعل بحيث يلي الهمزة إذا كان الشك في الفاعل.

- ويكون التقديم في الهمزة للتقرير فإذا قدمت الفاعل كان غرضك أن تقرر بأنه الفاعل، ويبين ذلك قوله تعالى، حكاية عن نمرود: ﴿ققَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ سورة الأنبياء، 62، لا شبهة في أنهم لم يقولوا ذلك له عليه السلام، وهم يريدون أن يقر لهم بأنه منه كان، وكيف وقد أشاروا إلى الفعل في قولهم: "أأنت فعلت هذا؟" وقال هو عليه السلام في الجواب: ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ سورة الأنبياء، 63، ولو كان التقرير بالفعل لكان الجواب فعلت أو لم أفعل.

وهكذا يبين الجرجاني أن الشك لم يكن في وقوع الفعل بل في وقوعه من إبراهيم عليه السلام. إذ التردد في إسناد الفعل للفاعل وليس في تقرير الفعل لأن في حدوثه ما يدل عليه.

وتستعمل الهمزة في التقرير لما يلي:

- تقرير الفاعل.

- تقرير الفعل.

- تقرير الفعل للفاعل.

- كما تكون لإنكار لم كان الفعل، أو لتوبيخ فاعله عليه.

جاء في صفوة التفاسير في تفسير الآية: ﴿ققَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ سورة الأنبياء، 62، أي هل أنت الذي حطمت هذه الآلهة يا إبراهيم؟ والأية : ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ سورة الأنبياء، 63، أي قال إبراهيم: بل حطمها الصنم الكبير لأنه غضب أن تعبدوا معه الصغار فكسرها، والغرض تَبْكِيتُهُمْ وإقامة الحجة عليهم ونقل قول القرطبي: والكلام خرج مخرج التعريض وذلك أنهم يعبدونهم آلهة من دون الله والغاية من هذا الأسلوب هو فرض الحجة والدليل على ما ذهب إليه إبراهيم عليه السلام، وذلك ما يستفاد من جوابه عليه السلام.([38])

يتبين مما سبق أن مواضيع التقديم والتأخير في الاسم والفعل ماض تكون إما أن تجعل الشيء في صورة غلط، أو لمعرفة عين الشيء، أو عين الفاعل، أو لبيان وقت فعل الفعل. ففي إنكار الفعل "قد يكون إنكار الفعل من أصله تم يخرج اللفظ مخرجه إذا كان الإنكار في الفاعل مثال ذلك قوله تعالى:

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ سورة يونس، الآية 59. ومعلوم أن المعنى على إنكار أن يكون قد كان من الله تعالى إذن فيما قالوه، من غير أن يكون هذا الإذن قد كان من غير الله، فأضافوه إلى الله، إلا أن اللفظ أخرج مخرجه إذا كان الأمر كذلك »([39])، أي جعلوه صورة غلط فأضافوه إلى الله. ورد في تفسير الآية في صفوة التفاسير: « "خطاب لكفار العرب والمعنى: أخبروني أيها المشركون عما خلقه الله لكم من الرزق الحلال فجعلتم منه حراما حلالا أي فحرمتم بعضه وحللتم بعضه، كالبحيرة والسائبة والميتة. قال ابن عباس: نزلت إنكارا على المشركين فيما كانوا يحلون ويحرمون من البحائر والسوائب والحرث والأنعام ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ أي قل لهم يا محمد أخبروني: "أحصل إذن من الله لكم بالتحليل والتحريم، فأنتم فيه ممتثلون لأمره، أم هو مجرد افتراء وبهتان على ذي العزة والجلال؟"»([40]) أي أن التحليل والتحريم كان منهم من أنفسهم فنسبوه إلى الله غلطا ظنا منهم أن الله تعالى يصفح عنهم ويغفر يوم القيامة؟ ونظير هذا قوله تعالى:

الصفحات