أنت هنا

قراءة كتاب المسرح في العراق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسرح في العراق

المسرح في العراق

كتاب " المسرح في العراق " ، تأليف أديب القلية جي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ،ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

حقي الشبلي
في حفل لفرقة حقي الشبلي أُقيم ليلة 15 كانون الاول من عام 1934، ألقى الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي قصيدة جاء فيها:
عظيم (على حقي) لنفسي المـــعولوليس كحقي في العراق مـمـثـــــل
أرى غير حقي يشغل العين وحـدهاإذا رام تمثيلا وللروح يهمـــــــــــل
ولكن حقي للعيـــــون وللنـــــــــهىوللسمع والروح الشجية يشغـــــــل
وانك يا حقي وان كنت آخــــــــــرافأنت على رغم الحداثــــــــــة اول
لقد كان في مسرح الثقافة ثــــــغرةولكن حقي سدها فهو مفضــــــــل
إليك لأرواح الجماعات حاجــــــــــةفأرسل إلى الأرواح ما أنت مرســــل
بدأ حقي الشبلي انتماءه إلى المسرح منذ عمله مع (الفرقة المصرية الكبرى) التي أسسها الفنان المصري جورج ابيض والتي زارت العراق في عام 1926 وقُدمت أعمالها المسرحية في بغداد وعدد من المدن العراقية. وقد أُنيط بحقي الشبلي دورا في مسرحية (اوديب ملكا) للكاتب الإغريقي سوفوكلس والتي أخرجها جورج ابيض. وكان الدور الذي لعبه الشبلي هو (ابن اوديب) ونجح في تجسيده، وتميز بين عشرات من الممثلين والممثلات المصريين المحترفين. وقد شجعه نجاحه وتميزه على التفكير في تاسيس فرقة مسرحية عراقية تقوم بتقديم مسرحيات متنوعة بالعربية الفصحى وباللهجة العامية. وعلى الرغم من أن حقي الشبلي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره وهو العمر الذي يصعب معه التاهيل لقيادة فرقة مسرحية وتقديم عروض تكون في مستوى المسئولية.
إلا أن الشبلي، الذي يتمتع منذ صغره بشخصية قوية وطاقة فنية نادرة وعزم لا يُضاهى، اقنع مجموعة من زملائه الذين يشاركوه في حب المسرح والتفاني من أجله والعمل على وضع أسس لمسرح قريب من الاحتراف ويتمتع بأهلية واحتراف، بتاسيس فرقة مسرحية تواصل العمل الفني بإصرار ومثابرة.
قدم حقي الشبلي وجماعته، فوزي محسن الأمين، عباس بهرام، سليم بطي وحمد حقي الحلي طلبا إلى وزارة الداخلية في نيسان من عام 1927 هذا نصه: (نحن الموقعون أدناه، نخبة من الشبيبة العراقية قد اتفقنا على تشكيل فرقة تمثيلية تُدعى (الفرقة التمثيلية الوطنية) وغايتها تعضيد المنافع الخيرية ورقي هذا الفن الجميل في العراق، فالمرجو من معاليكم أن تتلطفوا علينا وتجيزوا لنا تشكيلنا وتعاضدونا على رقي هذا الفن الخيري النافع للأمة والوطن، وسوف نبرهن من خلال العمل أننا شكلنا في العراق فرقة تمثيلية حقيقية تعرض للشعب العراقي الكريم أجمل الروايات الأخلاقية والأدبية والتي تبث فيهم روح الإخلاص).
والحقت بهذا الطلب نسخة من النظام الأساسي للفرقة ويتالف من سبع مواد. وجاء رد الوزارة بالموافقة على شرط أن تكون صفة هذه الفرقة طلابية لان جميع الموقعين على الطلب هم من الطلبة. ومع هذا، أكدت الوزارة أحقية الفرقة في عرض مسرحياتها خارج نطاق المسرح المدرسي وبذلك تتساوى الفرقة مع بقية الفرق المسرحية.
بدأت الفرقة بعرض اولى مسرحياتها (جزاء الشهامة) التي أخرجها حقي الشبلي ومثّل الدور الرئيس فيها مع مجموعة من أعضاء الفرقة الجديدة. وكانت تلك المسرحية بداية موفقة وقد عُرضت لستة ايام متتالية على قاعة سينما (رويال) ويُعد هذا حدث متميز وفريد في تلك الفترة.
حقي الشبلي هو فنان عراقي كبير ورائد ومؤسس من مؤسسي المسرح، وارتبط اسمه بالمسرح العراقي الجاد والنظيف منذ اواسط عشرينيات القرن الماضي، واسهم في بلورة مفاهيم جديدة للفن والمسرح في ظروف اجتماعية قاسية ومتزمتة كان يُنظر فيها للمسرح كممارسة لا تقترن بالاحترام.
وخلال رحلته الفنية التي امتدت لأكثر من خمسين عاما، قدم الشبلي عشرات الأعمال المسرحية العالمية والعربية والمحلية، وحاز على العديد من الجوائز في التتويج العربي في مهرجان تونس المسرحي في عام 1983.
وُلد الفنان الكبير حقي رشيد الشبلي في يوم الأربعاء الموافق للحادي والعشرين من شهر إذار من عام 1913 في الدار المرقمة 3/72 والواقعة في محلة الحيدرخانة في بغداد.
درس في مدرسة التفيض الأهلية التي كانت تهتم كثيرا بالمسرح وتولي وقتها لعروض مسرحية يشترك فيها الطلاب، وعادة ما تصب العروض في منفعة الطلاب الفقراء. وكان حقي الشبلي أحد اللاعبين في هذه المسرحيات. وعندما شاهده جورج ابيض وهو يمثّل أُعجب به غاية الاعجاب واسند له دور (ابن اوديب) ونجح في ادائه نجاحا نال كامل رضا استاذه.
ومن بعد ذلك شكل مع رفاقه (الفرقة التمثيلية الوطنية) كما ذكرنا، وكانت مسرحية (جزاء الشهامة) اولى أعمال هذه الفرقة، وقُدمت على خشبة مسرح سينما رويال التي تقع في مدخل شارع المتحف العراقي قرب تمثال الرصافي حاليا. وخلال السنوات الثلاثة التي أعقبت اجازة الفرقة وُفّق الشبلي في تقديم عروض عديدة في بغداد ومدن عراقية أخرى، وكان هو نفسه مخرج تلك المسرحيات والممثل الاول فيها.
ومن المسرحيات التي قُدمتها الفرقة (صلاح الدين الايوبي) و (في سبيل التاج) و(وحيدة)، والاخيرة مسرحية عراقية من تاليف علوان أبو شرارة وهو الاسم المستعار لموسى الشابندر. وكُتبت (وحيدة) بالفصحى والعامية حسب مكانة الشخصيات وثقافتها.
وفي سؤال للفنان الشبلي عن القاعات التي كانوا يقدمون اعمالهم على خشبتها أجاب: (كنا نستاجر دور السينما، ثم بنينا مسارح خاصة، كنا نضحي رغم الخسارة). وعن ايجار السينما يقول الشبلي: (حسب الفلم المعروض، إذا كان الفلم قويا ندفع مائة وخمسون ربية، واذا كان الفلم هابطا يهبط معه الايجار إلى 60 او 65 روبية في الليلة الواحدة وكان الجمهور يشجعنا).
استطاعت الفرقة التي يديرها الشبلي ان تعالج النقص في العنصر النسوي حيث انضمت إليها بعد سنتين من تاسيسها مديحة سعيد التي منحتها الفرقة راتبا شهريا مقطوعا بسبب جدارتها وقوة تمثيلها وصدق ادائها فضلا عن أنها اول عنصر نسائي يعمل في مجال التمثيل في العراق.
في عام 1929 زارت العراق فرقة مصرية جديدة هي فرقة فاطمة رشدي وزوجها المخرج عزيز عيد، وقُدمت الفرقة الضيفة عدة أعمال مسرحية في العاصمة كما قُدمت عرضا خاصا في البلاط الملكي حضره الملك فيصل الاول وعدد من الوزراء والمدراء العامين. وفي نهاية العرض جرى حديث مع الملك حول ضرورة سفر الفنان حقي الشبلي إلى مصر للاطلاع على الحركة المسرحية المتنامية هناك. وقد ابلغ عزيز عيد الفنان حقي الشبلي بموافقة الملك فيصل على سفره وتبرعه له ببطاقة سفر بالطائرة على نفقته الخاصة. واقامت فرقة فاطمة رشدي حفلين ذهب ريعهما إلى حقي الشبلي ليساعداه على سفره وتكاليف اقامته في مصر.
وقبل ان يسافر الشبلي إلى القاهرة أقامت فرقته عرضا لمسرحية (شهداء الوطنية) من إخراجه وتمثيله هو، وقُدمت المسرحية على قاعة (سنترال سينما) وحضر العرض رئيس الوزراء آنذاك عبد المحسن السعدون وجميع وزراءه. وبعد انتهاء العرض الذي كان مدهشا ارسل السعدون إلى الشبلي ليلتقيه في الطابق الثاني ويهنئه على نجاح مسرحيته وادائه التمثيلي المتميز. والتفت رئيس الوزراء إلى والد الشبلي الذي كان جالسا قريبا من السعدون وقال له: (يا حاج،. ان ابنك هذا سيكون له شأن في التمثيل) وكانت هذه شهادة حق اثبتها الزمن فيما بعد.
بعد ان سافر الشبلي إلى مصر وبدأت جولاته واطلاعه على النهضة المسرحية التي تنمو وتاخذ لها مكانا تحت الشمس، استفاد كثيرا من هذه الجولات والمشاهدات الحية التي أضافت الكثير لوعيه وثقافته الفنية.
استلم الشبلي رسالة من الفنان محي الدين محمد يعلمه فيها حدوث انقسام في فرقته (الفرقة التمثيلية الوطنية)، وان عزيز علي استلم إدارة نصف الفرقة التي بقى اسمها على ما هو، بينما قاد النصف الثاني محي الدين محمد واطلق عليه اسم (الفرقة العصرية للتمثيل)، واكد للشبلي ان الفرقة العصرية ستكون تحت تصرفه متى ما عاد من القاهرة.[4]
 

الصفحات