كتاب " الجنوبي " ، تأليف عبلة الرويني ، والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
لن أطلب منكم الوقوف حداداً
أنت هنا
قراءة كتاب الجنوبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الجنوبي
وحده الشعر، هو التماسك العقلي والنفسي القوي، والاتساق الوحيد, والبناء الموضوعي الشديد الإحكام الذي حقق لأمل إعادة خلق العالم المفروض حوله من جديد لحسابه الخاص.
ولقد أدرك أمل دائماً أن قوته الحقيقية هي شعره، ولهذا لم يتخل في أي لحظة من لحظات تعامله وحياته، عن سلاحه الوحيد كتابة الشعر. إن المدخل الحقيقي إلى شخصية أمل يظل دائماً هو موهبته, فهي التوازن، والسلاح القوي المشهر.. إنها التفرد والتمايز.. الزهو والثقة والكبرياء. القوة والوضوح.. الصدق وشرف القلب الدائم.. والثورة.
كل شيء يبدو مقلوباً على رأسه، ولهذا تظل محاولة الدخول إلى عالم أمل هي محاولة لمشاركته عذابه في منع واختلال الصورة. وفي محاولة إعادتها إلى وضعها الطبيعي أو وضعها الجميل بالشعر.
***
كل شيء متناثر كأنه الفوضى.
كلمات طائشة حادة، غضب مفاجئ، أيام غير معلومة، صعلوك لايرى الشمس إلا نادراً حين يحول الليل إلى نهار، والنهار يقضيه نوماً طويلاً.
يقرأ في أي مكان شاء في استغراق تام وسط مجموعة في سهرة، أو وحده، وسط بحيرة من الأوراق، والكتب، والجرائد، والأقلام فوق سريره، يكتب في كل مكان.. في المقهى.. في الشارع، فوق مقعد، في منزل أو داخل مستشفى، ينفق كل أمواله في ليلة واحدة، ثم ينام جوعاً في الليلة التالية.
لايوجد له عنوان محدد:
مقهى ريش.. أتيليه القاهرة.. دار الأدباء
تلك كانت صناديق بريده، وأماكن العثور عليه.
يقاسم أصدقاءه غرفاتهم ونصف السرير، ونصف الرغيف، ونصف اللفافة، والكتب المستعارة.. ثم يمضي تاركاً ذكرياته، وأوراقه، وشعره وكتبه، وملابسه.. في غرف الأصدقاء بعدما حفر كل شيء في عقله بدقة متناهية وذاكرة حديدية.
إن تلك الفوضى تدخل في عالمه الداخلي، لتصبح محكومة تماماً بمنطقية صارمة، بل وتضعنا وجهاً لوجه أمام منطقية خاصة بأمل وحده، هي منطقية الفوضى.