أنت هنا

قراءة كتاب حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي

كتاب " حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي ـ المسيحي " ، تأليف الاب يواكيم مبارك ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

تمهيد

يسرني أن أضع بين يديْ القارئ العربي بعض الدراسات من بين العديد منها ومن الكتب القيِّمة للأب يواكيم مبارك ( 1924 - 1995 )، وهو ذاك العلامة بكل معنى الكلمة الذي تجاهله وطنه رغم غنى التراث الفكري والثقافي والتاريخي الذي تركه لنا.

صحيح أنَّ عدداً كبيراً من أعماله الفكرية قد كُتِبَت باللغة الفرنسية نظراً لإقامته في فرنسا مدة طويلة ولحيازته على ثلاث شهادات دكتوراه من جامعة باريس، تدور حول تاريخ العلاقات المسيحية والإسلامية منذ نشوء الديانة الإسلامية.

وما يميِّز أعمال هذه الشخصية الفذة من الناحية الفكرية كما من الناحية الإنسانية، هو هذه النظرة الشاملة المنفتحة والثاقبة ذات الآفاق الحاضرة والمستقبلية البنّاءة والمتفائلة لتأمين الانسجام والمودة ليس بين أبناء لبنان فقط، بلْ أيضاً بين العرب أنفسهم.

إنَّ مقاربة يواكيم مبارك لتاريخ العلاقات المسيحية الإسلامية هي مقاربة موضوعية بشكل لافت وإنْ كان متجذِّراً في المسيحية ويؤمن بها إيماناً ساطعاً مفتوحاً على أبناء الديانات الأخرى. وهو بحث باستمرار عن القواسم المشتركة، وليس عمّا يتناوله بشكل مكثف العديد من المفكرين والباحثين من الحواجز وشعور التعصّب والانعزال عن الآخر أو كرهه.

وقد اشتُهر الأب يواكيم مبارك في العالم الفرانكفوني بتعليمه الجامعي حول الديانة الإسلامية ومبادئها وعقيدتها، وذلك في كلٍّ من جامعتَيْ السوربون في باريس وجامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا. وكذلك اشتُهر بمساعدته للطلاب اللبنانيين والعرب في باريس بالإشراف على أطروحات دكتوراه عديدة في مواضيع هامة لبنانية وعربية.

واللافت للنظر أنّه بقدر ما يفهم جذور العقيدة الإسلامية ويفسّرها، يدين الموقف السلبي للكنيسة الكاثوليكية على مر العصور تجاه النبي العربي، إنّما يبقى أشد كلامه وتنديده لما أصاب الديانة اليهودية من جرّاء نشأة الصهيونية السياسية وإنشاء كيان إسرائيل الغاصب، وكأنَّ الديانة اليهودية اختُصِرَت في إبراز «صك ملكية عقارية في أراضي فلسطين» حسب تعبيره.

ومن هذا المنطلق، رأى الأب مبارك أنَّه لا بدَّ من تكاتف اللبنانيين والفلسطينيين معاً لمجابهة الظاهرة الصهيونية الفتاكة. ذلك أنَّ تأسيس الكيان الصهيوني يهدد الوجودَيْن الفلسطيني واللبناني معاً. الوجود الفلسطيني لأنَّ أطماع إسرائيل في الأرض المطهَّرة من سكانها الأصليين هي واضحة للعيان، لا لبس فيه، والوجود اللبناني لأنَّ التداخل بين الطوائف الدينية اللبنانية والعيش المشترك فيما بينها دون مشاكل تُذْكر على مر العصور قبل عهد الاستعمار الاوروبي، هو المثال المعاكس للكيان الصهيوني الإقصائي لغير اليهود.

وقد بذل الأب مبارك قصارى جهده خلال الحرب اللبنانية للتوسط والتوفيق بين الجبهة اللبنانية من جهة، والزعماء الفلسطينيين القاطنين في لبنان حينذاك وحلفائهم من التنظيمات اليسارية اللبنانية المتحالفة مع منظمة التحرير الفلسطينية في إطار الحركة الوطنية اللبنانية من جهة أخرى.

وقد ناضل الأب مبارك أيضاً فكرياً وعملياً لنهضة الكنائس الشرقية وعلى رأسها الكنيسة المارونية التي كان ينتمي إليها. وقد تجسَّد هذا النضال في دراسات تاريخية معمَّقة حيث يُظهر القواسم المشتركة بين الكنائس الشرقية بتراثها الإنطاكي، إذ لإنَّ كل تلك الكنائس التي تأسَّست ظهرت أصلاً في مدينة إنطاكية، ولذلك يحمل معظم بطاركة الشرق العربي في لقبهم إشارة مباشرة إلى الجذور الإنطاكية.

الصفحات