كتاب " الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث " ، تأليف رؤذان أنور مدحت ، والذي صد عن
أنت هنا
قراءة كتاب الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المقدمة
إن الانسان كائن غامض و ضبابي، حتى هناك من سمى الانسان " الانسان ذلك المجهول" و ما من علم أو فنٍ استطاع أن يعرفه و يكشفه كشفاً كلياً، فلا يُعلم ما يكمن داخل نفوس البشرية حتى لو استعنا بجميع العلوم. لذلك ليس غريبا أن يحصل أي شىء، من جانبه فقد يفعل كل ما يرضي نفسه و عقله، و لو تصور أحد أنه يستطيع سماع ما يجري في ساعة واحدة فحسب، ما يدور في داخل البشر، لأصيب بالجنون و لضاع بكل تأكيد. لأن الانسان أعظم مخلوق خلقه الله على وجه الأرض، و سخر له فيها كل شىء.
منذ خلق الكون و حتى الآن، و الانسان يحاول أن يفهم ما يدور خارجه، و ما يدور في دواخل بني جنسه، فالفضول شيء طبيعي في الانسان. يدفعه الى فهم ما يدور حوله، وقد بدأ بمحاكاة و تقليد الأشياء، و بعد أن تعرّف معظم ما يدور حوله، تحول الى التعرّف على من هو من بني جنسه، و لعلّ أحسن طريقة ليفهم من هو مثله هو أن يقلده، و يضع نفسه محله، لذا قام بمحاكاة الانسان الذي هو نفسه، و لكن كان من الصعب نقل ما في النفس بسبب خفته، و كثافة الكلمات المنطوقة.
هكذا بدأت الدراما بالظهور و النمو في كل مرحلة مرّ بها الانسان، تطور فيه التمثيل و المحاكاة، مع تطور عقلية البشر، و المستلزمات المستخدمة في هذه المحاكاة.
و كما قال جبران: إن هذه الأمة مريضة بعلتين مزمنتين، علة التقليد و علة التقاليد، من هنا بات بعض الخطوط الأولية للدراما تقليدا شائعا، غير قابل للتغيير، الى أن بدأت الدراما تدخل عهداً حديثاً تغير فيه معظم تقاليدها القديمة أو الأولية و من ضمنها تحولها من كونها فناً رجالياً فحسب الى فنٍ انساني، أي فن يظهر فيه صوت الجنسين معاً الرجل و المرأة، فمنذ زمن و المرأة تكافح من أجل الدخول في جميع العوالم البشرية، لأن روحها عطشى و متلهفة أن تثبت نفسها و كينونتها .
لقد آثرنا الدخول في هذا العالم، لاظهار طموحات المرأة في دخولها الى فنٍ كان رجالياً منذ ظهوره حتى أواخر القرن العشرين، هذا على الرغم من وجود اسهامات محدودة في القرن الثامن عشر و التاسع عشر، لكنها لم تستمر حتى تهيّأ لها جو و واقع غيرا مسار دروب المرأة جميعها، منها التغيرات التي جرت في أعقاب الحربين العالميتين، و لاسيما غياب الرجال في الساحة.