أنت هنا

قراءة كتاب سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية

سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية

كتاب " سيكولوجية الإشاعة رؤية قرآنية " ، تأليف حسين السعيد ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

المقدمة

منذ انطلاقتها الأولى، تعرضت الدعوة الإسلامية إلى حملات دعائية مضللة، والى حرب نفسية مخرّبة من قبل المشركين في مكة، والمنافقين واليهود في المدينة وما حولها، كما تتعرض الأمة الإسلامية اليوم إلى الحملات الدعائية المضللة، والحرب الهدّامة[(1)]. وتأتي الإشاعات والأكاذيب والأراجيف في مقدمة المخطط.

فما أشبه الليلة بالبارحة !

وما أشبه الأساليب الملتوية التي يقوم بها مغرضو اليوم بأساليب مرجفي الأمس !.

في عصرنا الراهن، ورغم التطور الهائل لتكنولوجيا الأسلحة الفتاكة، والقفزة الكبرى في مجالات الإعلام الدعائي.. فإن الإشاعة تبقى من أهم الأسلحة في أوقات الحروب بصفة خاصة، ولهذا ظلت الإشاعة في موقعها التقليدي تتصدر أجندة الحرب النفسية، بل ما تزال تُعدّ أشدها فتكاًَ وأخطرها تأثيراً.

ولمّا كان القرآن الكريم {تبياناً لكل شيء}[(2)]، فيه (نبأ ما قبلكم وما بعدكم وحكم ما بينكم..)[(3)] ، (لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه، ولا تُكشف الظلمات إلاّ به)[(4)]، كما يقول الإمام علي(رضي الله عنه)، ناهيك عن كونه كتاب المسلمين الأكبر.. فقد تضمن إشارات عديدة إلى الإشاعة - تصريحاً تارة وتلميحاً أخرى - وتطرق إليها في أكثر من موقف تعرض إليه المسلمون، خلال مسار مواجهتهم الضارية مع قوى الشرك والجاهلية والنفاق.

وعليه؛ لا مندوحة لنا سوى العودة إلى القرآن حبل الله المتين، هوية نحملها بفخر واعتزاز، وكهفاً نلوذ به؛ نستنطق آياته، ونهتدي بتعاليمه، ونقتدي بهديه، ونسترشد بأحكامه.. ومن هنا تأتي ضرورة تسليط الضوء على ظاهرة الإشاعة؛ مصطلحاً ومفهوماً، أشكالاً ومراحل، سيكولوجية وأهدافاً.. وصولاً إلى الفكرة المحورية لهذا الكتاب التي تتناول معركة أحد نموذجاً، بكل ما حفلت به من دروس وعبر، وما أفضت إليه نتائجها المحزنة، بسبب إشاعة مغرضة أطلقها خصوم الإسلام، في ما كانت المعركة المحتدمة على وشك أن تضع أوزارها بانتصار مدوٍّ للمسلمين، بيد أن الرياح جرت بما لا يشتهون!

لقد شخّص القرآن الكريم مواطن الخلل ونقاط الضعف والقوة في تلك المعركة، وركّز على خطورة الإشاعة ، وما يقوم به المثبطون والمرجفون من دور تآمري حاقد، فاضحاً أساليبهم الماكرة ونواياهم الشريرة, مستنكراً حركة الارتداد النفسية لدى البعض , حينما هتف الهاتف : (إن محمداً قد قُتل!) , فسرت الشائعة كالنار في الهشيم , لولا ثبات ثلة من المخلصين الذين واجهوا حركة الارتداد على الأعقاب بصلابة ووعي وبصيرة , وبذا فوّتوا على الأعداء فرصة ثمينة للإجهاز على حركة الرسالة , وهي لمَّا تزل في مهدها .

على أن المواجهة النفسية الضارية لم تقف عند حد , بل تنوعت أساليبها, وتلوّنت أحابيلها، ونجد الخطاب القرآني تضمن إشارات إلى نماذج عدة من الشائعات التي كان يطلقها الخصم بين حين وآخر , ولا نزعم أننا قمنا بتغطية كل المواضيع المتعلقة بالإشاعة في القرآن الكريم , فقد أغفلنا العديد منها , واكتفينا بنماذج منتقاة نرى أنها تفي بالغرض المطلوب .

لقد تحدث القرآن عن الحرب النفسية التي يشنها الخصوم على الرسول والرسالة والدعاة إلى الله، ليضع أمامهم حقيقة المعركة بكل أبعادها، وليثبت موقفه وليزوّد الأتباع بالمناعة النفسية. إنه يوضّح ذلك بقوله:(وكلاً نقصّ عليك من أنباء الرسل ما نثبّت بهِ فؤادك).

إنه يتحدث عن كل حالات الحرب النفسية التي استخدمها أعداء الدعوة الإلهية على مرّ العصور، فيقول:(ولتسمعُنَّ من الذين أُوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً).

وتعزيزاً لموقف الجماعة المؤمنة وصيانتها من تأثيرات الحملات المضادةً أوضح القرآن الكريم موقفه من الإشاعات، وكيفية التعامل مع أساليب الحرب الدعائية، وخاصة الإشاعات في ظرف مفصلي، يمثل أحد أهم محطات تاريخ الإسلام وأعظمها، لا نرانا بحاجة إلى التأكيد على ضرورة استحضار هذا المنهج القرآني، ونحن نخوض غمار حرب ضروس تُشن علينا، في أكثر من جبهة، وفي أكثر من خندق.

والله يتولّى الصالحين .

الصفحات