رواية كلاسيكية أميركية حول فتاة شابة في مطلع القرن، وهي رواية عميقة التأثير، صادقة وصحيحة تدخل في صميم الحياة. إذا فاتتك قراءة هذه الرواية فإنك سوف تحرم نفسك من تجربة غنية. إنها رواية تحمل تفهماً عميقاً وحاداً لعلاقات الطفولة والعلاقات العائلية.
أنت هنا
قراءة كتاب شجرة تنمو في بروكلين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
كان نيلي وفرانسي يحبان القهوة ولكنهما نادراً ما كانا يشربانها. واليوم كما هي العادة ترك نيلي القهوة السوداء جانباً وأخذ حصته من الحليب المكثف بعد أن قام بدهنه على قطعة خبز. كما شرب رشفة صغيرة من القهوة السوداء من باب اللباقة. صبت الأم فنجاناً لفرانسي وأضافت إليه الحليب رغم علمها أنها لن تشربه.
كانت فرانسي تحب رائحة القهوة وسخونتها. كانت تأكل طعامها وتترك إحدى يديها محيطة بالفنجان تتمتع بسخونته أو تشتم رائحة القهوة الحادة فيه. كان هذا بالنسبة لها أفضل من شربه، وفي نهاية الوجبة كانت ترميه في بالوعة المجلى.
كان للأم أختان هما سيسي وإيفي وكانتا تأتيان لزيارتها عدة مرات وتوبخان الأم على تبذيرها في كل مرة كانتا تجدان القهوة مقذوفة في المجلى. ولكن الأم كانت تفسر الأمر بالقول: إن لفرانسي الحق بفنجان واحد مع كل وجبة مثلها مثل باقي أفراد الأسرة وإذا كان يحلو لها أن ترميه بدلاً من أن تشربه فلا بأس - أعتقد أن من الممتع أن يشعر أشخاص مثلنا بأن بإمكانهم رمي بعض الأشياء من وقت لآخر مثل هؤلاء الذين يملكون مالاً كثيراً ولا يقلقون إذا رموا شيئاً.
كانت وجهة النظر هذه ترضي الأم وتسر فرانسي. كانت واحدة من تلك الروابط التي تربط بين الفقراء الممعنين في فقرهم وبين الأغنياء المبذرين وتجعلهم يشعرون بأنهم أغنى لأن بإمكانهم التفريط بشيء ما. تناولت فرانسي كعكتها ببطء خشية أن ينتهي طعمها الحلو بسرعة فيما أصبحت القهوة باردة كالثلج. بعد الانتهاء من تناول الطعام، قامت فرانسي بصب القهوة في المجلى وكان هذا كفيلاً بأن يكسبها شعوراً ولو عرضياً بالكبرياء والفخامة. بعد هذا أصبحت فرانسي جاهزة نفسياً للذهاب إلى مخبز لوشر من أجل شراء مؤونة نصف الأسبوع من الخبز القديم. أخبرتها والدتها أن بإمكانها شراء فطيرة حلوى بقيمة نيكل شريطة أن لا تكون مهروسة.
كان مخبز لوشر يزود دكاكين الحي بالخبز ولكن خبزه لم يكن ملفوفاً بورق الشمع كما أنه كان سريع العطب. كان لوشر يسترد هذا الخبز من المتعاملين ويعيد بيعه إلى الفقراء بنصف السعر. وكان دكانه المجاور لمخبزه يتألف من منصة استقبال طويلة تمتد على طول أحد جوانب الدكان فيما تمتد على الجانبين رفوف ضيقة وطويلة. عندما يفتح الباب المزدوج الضخم وراء المنصة تدخل عربات الخبز وتفرغ حمولتها على المنصة. كل رغيفين يباعان بنيكل. كان الناس يتدافعون لشرائها وأحياناً يضطرون لانتظار تفريغ ثلاث أو أربع عربات قبل أن تسنح لهم فرصة الشراء. لم يكن الخبز المتوفر كافياً وكان على الشاري إحضار أكياس التغليف معه لأن بمثل هذا السعر لا يمكن إعطاؤك أكياس تغليف من المخبز. معظم الشارين كانوا من الأطفال الذين كان بعضهم يضع الأرغفة تحت إبطه ويعودون إلى منازلهم وكأنهم يريدون إعلام الدنيا وبكل جرأة ووقاحة أنهم فقراء. أما الآخرون فكانوا يلفون الأرغفة بأكياس أوراق صحف، أو بعبوات الطحين التي كان بعضها نظيفاً وبعضها قذراً. أما فرانسي فقد كانت تحضر معها كيس ورق كبيراً.