أنت هنا

قراءة كتاب الأخلاق في السنة النبوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأخلاق في السنة النبوية

الأخلاق في السنة النبوية

كتاب " الأخلاق في السنة النبوية " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 4

تمهيد

الأخلاق هي المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل ويتميز هذا النظام الإسلامي في الأخلاق –كما يرى علماء الأخلاق- بطابعين:

الأول: أنه ذو طابع إلهي، بمعنى أنه مراد الله سبحانه وتعالى.

الثاني: أنه ذو طابع إنساني أي للإنسان مجهود ودخل في تحديد هذا النظام من الناحية العملية. وهذا النظام هو نظام العمل من أجل الحياة الخيرية، وهو طراز السلوك وطريقة التعامل مع النفس والله والمجتمع. وهو نظام يتكامل فيه الجانب النظري مع الجانب العملي منه، وهو ليس جزءاً من النظام الإسلامي العام فحسب وإنما هو جوهر الإسلام ولبه وروحه السارية في جميع نواحيه: إذ النظام الإسلامي –على وجه العموم- مبني على مبادئه الخلقية في الأساس بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق فالرسوليقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(1) فالغرض من بعثته هو إتمام الأخلاق، والعمل على تقويمها، والدين هو حسن الخلق.

ونجد أهمية الأخلاق الإسلامية في الجانب العقيدي حيث يربط الله سبحانه وتعالى ورسوله -×- بين الإيمان وحسن الخلق، فقد سئل رسول الله ×: أي المؤمنين أفضل إيماناً؟ قال ×: «أحسنهم اخلاقاً» وعدّ الإسلام الإيمان برا، إذ قال تعالى: +ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله قرآن واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين" وقد قال رسول الله : «البر حسن الخلق»([2]) والبر صفة للعمل الأخلاقي أو هو اسم جامع لأنواع الخير. وكما نجد الصلة بين الأخلاق والإيمان، نجدها كذلك بين الأخلاق والعبادة إذ إن العبادة روح أخلاقية في جوهرها لأنها أداء للواجبات الإلهية. ونجدها في المعاملات –وهي الشق الثاني من الشريعة الإسلامية بصورة اكثر وضوحاً.

وقد ارتبط الإسلام في جوانبه برباط أخلاقي، لتحقيق غاية أخلاقية، الأمر الذي يؤكد أن الأخلاق هي روح الإسلام، وأن النظام التشريعي الإسلامي هو كيان مجسد لهذه الروح الأخلاقية.

ولقد جاءت الدعوة الإسلامية بالفضائل والأخلاق السامية، فقد روي عن أسامة بن شريك أنه قال: كنا جلوساً عند النبيكأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله تعالى؟ قال: (أحسنهم خلقاً) وحسن الخلق من أكثر الوسائل وأفضلها إيصالاً للمرء للفوز بمحبة رسول الله ×، والظفر بقربه يوم القيامة حيث يقول: «إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً». وقال«أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً»([3]).

وعلم الأخلاق يبحث عن معنى الخير والشر ويبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس مع بعضهم بعضاً ويشرح الغاية التي ينبغي أن يقصدوا إليها في أعمالهم وينير السبيل لعمل ما ينبغي.

ولا شك أن الأخلاق هي الدعامة الأولى لحفظ كيان الأمم، ولهذا ترى الباحثين والفلاسفة قد اتفقت كلمتهم على ضرورتها للفرد الصالح نفسه وللمجتمع في جملته، فكما أن الفرد يضيره ويفسد من أعماله أن يكون كاذباً مرائياً حسوداً شريراً ماكراً، كذلك تفسد المجتمعات بشيوع هذه الصفات في آحادها.

لهذا فإن أول ما توجهت إليه عناية الفلاسفة والمشرعين العاملين على إنهاض الجماعات البشرية، هو الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة لأنها الدعامة الأولى في بناء كل مجتمع سليم ولم يبالغ أحد الفلاسفة حين قال: الأخلاق أساس كل مجتمع.

من أجل ذلك كانت رسالة الأنبياء الحث على الأخلاق الفاضلة. وجاء القرآن وسنة الرسولمشددين على الاستمساك بها لأنها هي التي تحقق الفوز بالنعيم.

وقبل أن نستعرض جملة من مبادئ الأخلاق والآداب في حديث الرسوللا بد أن نذكر أن أخلاق الإسلام لها قيمتها العلمية. وسنبين تلك القيمة لنا من خلال الأحاديث التي سنذكرها بعدئذٍ، أن الفضائل التي ذكرها الرسولفي أحاديثه وسيرته وسنته والتي نتناول جزءاً منها هي الفضائل الإنسانية الحقة التي أجمع الفلاسفة ودعاة الإصلاح في العالم على المناداة بها والتي لو عملوا بها لحصلوا على أعظم الخير لعالمهم المضطرب.

الصفحات