كتاب " الأديان في العالم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الأديان في العالم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الديانة الهندوسية
Hinduism
يعتقد الهندوس أن براهما روح العالم خلق (مانو) أول البشر فأخرج منه زوجة له فصار أول زوج وزوجة على وجه الأرض وجاء منهما نسل البشرية، وبإرادة براهما كذلك جاءت جميع الكائنات، فصار براهما هو الخلق نفسه لأنه أخرجه من نفسه، وجاء من مانو أبي البشر أربع طبقات، فمن رأسه جاء أفضل الناس وأعظمهم قدسية وهم الكهنة البراهمة (Brahma) ومن ذراعه جاء من يليهم في الأفضلية وهم الملوك والمحاربون (الكاشتريا Kastria) ومن فخذيه جاء أرباب المهن ممن يهيئون أسباب المعيشة للطبقتين اللتين سبقتها بالأفضلية وتسمى هذه الطبقة الفيشية (Viaya) ومن قدمي مانو جاءت الطبقة السفلى من الناس وهم الطبقة المنبوذة أو العبيد أو الخدم الذين يسمون بالشودرا([17]) (Sudra)).
هذا ما تقوله أساطير الهندوس.. أما ما جاء في الحوادث التاريخية فإن الآريين حين سيطروا على شمالي وشرقي الهند في الألف الثانية قبل الميلاد فإنهم استعبدوا الأهالي وخلقوا هذه الطبقات وذلك بجعل أهالي البلاد عبيداً ومنبوذين يقومون بخدمة الأسياد الذين تتكون من الطبقات الثلاث التي تنتمي إلى الجنس الأرى([18])، وأصبحت لكل طائفة من الطوائف التي تألف منها الشعب الهندي القديم واجباتها، فالبراهمة هم الكهنة الذين يدرسون أسفار "الفيدا" الكتاب المقدس لدى الهندوس ويقومون بكافة التعاليم التي تنص عليها تلك الأسفار. وطبقة الكاشتريا تقوم بحماية الشعب وتلاوة – الكتاب المقدس، وطبقة الفيشية تقوم بزراعة الأراضي وتربية المواشي وعمليات البيع والشراء ودراسة الكتب المقدسة، أما طبقة الشودرا فما عليها إلا خدمة الطبقات الثلاث – كما أوضحنا – وعليهم الامتثال المطلق لأوامر البراهمة.
ولما كانت طبقة البراهمة هي الطبقة الممتازة بين الطبقات الأخرى فقد كانت لها مدارس خاصة تربي أبناءها تربية دينية حتى يصبحوا كهنة. وكان تعليمهم ينصب على اجتيازهم أدوارا أربعة، هي دور التلمذة، وفي هذا الدور يحتضن الأستاذ طلبته كأبنائه. ثم دور الدعاء حيث يتدرب البرهمي على المناجاة والأدعية وخلال هذا الدور يتزوج البرهمي ببرهمية، ثم ينتقل إلى دور الخلوة والتفكير ليعود بعدها إلى حياته الطبيعية "عالم الوجود" ([19]). وهذه الأدوار اختيارية حيث يتمكن البرهمي من الانقطاع في أي دور يشاء.
وقد كثرت الآلهة عند الهندوس بشكل ملحوظ فصبح لكل شيء روح ولكل روح قدسية معينة عندهم. وكانت كل الآلهة قد أخذت وظيفة معينة تختلف باختلاف شخصياتها إلا أن الآلهة العليا أخذت لنفسها ثلاثة أقانيم فدعي الأول (براهما) ووظيفته الخلق والإيجاد ودعي الثاني (فشنو) حيث يتولى المحافظة على الخلق والوجود. و(سيف) المخرب الجبار([20]).
فهذه الصفات الثلاث تكون الإله الواحد الأعلى. فهم وان عددوا الآلهة فإن إيمانهم يعترف بنوع من الوحدانية... وإنه ليس للآلهة الأخرى كيان منفصل إذ أن حياتها تستمد من روح واحدة هي روح (براهما) أو الإله الأعظم وقد اتسع نطاق هذه الفكرة بحيث أخذت الديانة الهندوسية تؤمن بوحدة الوجود أو الحلول عندما قالوا بأن روح الإنسان هي نفس روح (براهما) موجودة في الإنسان كما هي موجودة في المخلوقات الأخرى([21]). وكذلك تؤمن الهندوسية بتناسخ الأرواح فقد تنتقل الروح من الإنسان إلى الحيوان وبالعكس ولذلك فقد قدسوا الحيوانات.
وللآلهة أساطير أشبه ما تكون بخرافات مقدسة دونت في كتابهم المقدس
(الفيدا Vida) وهذا الكتاب ينقسم إلى أقسام أربعة هي الرجيفدا (Rig-Veda) وهي مجموعة من الشعر الكهنوتي أو أناشيد العوائل المقدسة والسامافيدا(Sama-Veda) وتحوي أناشيد موجهة إلى الآلهة (أجني) آله النار و(أندرا) آله المطر والقسم الثالث ويسمى الباجورفيدا (Yajur-Veda) وهو مجموعة من التراتيل التي ينشدها الكهنة عند إحراق جثث الموتى.. والقسم الأخير وهو الأثارفيدا (AtharVeda) وهي أناشيد تتلى عند الزواج أو تلمس البركات أو أدعية ضد الشيطان ومكروهات الأمور([22]).
ومن معتقدات الهندوسية أيضاً إيمانهم بالكارما (Karma) ومعناها قانون الجزاء والعدالة. وتعني أن جميع أعمال الإنسان الاختيارية التي تؤثر على الآخرين شراً كانت أم خيراً يجازى عليها بالثواب أو العقاب.... وهذا الجزاء يكون في الحياة. فإن لم يقع هذا في الحياة الاعتيادية فقد تقع في الحياة الأخرى بعد أن تنتقل الروح إلى جسد آخر([23]).
وهدف الإنسان الهندوسي أن يصل إلى مرحلة الانطلاق أو الخلاص (Nirana) والتي تعنى انعتاق روحه من الجسد واتحادها بالإله براهما ويكون ذلك بالعمل الجيد الصالح الذي يساعد المرء على الانتقال بعد الموت إلى طبقة أعلى من طبقته حتى
يصل إلى أعلى الطبقات، ويستمر بعمله الصالح لتنطلق روحه بعد ذاك إلى الاتحاد مع براهما([24]).
وللنقاد بعض مآخذ على الهندوسية منها أنها ديانة تهتم بالخرافات وتهبط في مستواها نظراً لأنها تتأثر بالسحر ولا تهتم بتحسين اقتصاد معتنقيها لأن العمل عند بعض طبقاتها كالبراهمة والكاشتريا لا يليق بهم، وبدلاً من العمل فإن الهندوسي يدرب نفسه على تحمل المشاق في الصوم الطويل أو القيام بالأعمال المضنية للجسم أو قيامه بالاستعطاء أو أنه يقوم بغرز مسامير في جسده. وقد يتعرى ما بقي من عمره أو لا ينام لفترة أو لا يحرك جسده ويقوم الناس بإطعامه الغذاء.. والجدير بالذكر أن القصد من ذلك هو ولوج باب الموت بنظافة ونزاهة ليصل إلى (النيرفانا) بعيداً عن أي عارض يعترضه.
ومن المآخذ على تلك الديانة أنها لا تكتفي بحرق جثمان أفرادها الذين يتوفون بل أن زوجات المتوفى لا بد من حرق أنفسهن معه. وقد قضي على هذه العادة منذ أجل قريب وتعتبر الهندوسية من الديانات القليلة التي لن تستطع الأفكار الدينية المتوافدة على الهند من تغيير جوهرها ومعتقداتها ([25]).
ويمكننا أن نلخص المبادئ التي ترتكز عليها الديانة الهندوسية بما يلي:
1- إنها بنت كيانها على الإيمان بالكارما أو قانون الجزاء.
2- وتركز على عقيدة تناسخ الأرواح.
3- وتنظر إلى الحياة نظرة متشائمة بالدعوة إلى تخليص الروح منها.
4- وتدعو إلى الزهد.
5- وتركز كثيراً على الفضائل.
6- وتركز على الإيمان بكتب (الفيدا).
7- وتؤمن بآلهة كثيرة ([26]).


