كتاب " الأديان في العالم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الأديان في العالم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ومن المهم أن نعرف أن للهندوسية حركة عالمية تبشيرية في الوقت الحاضر تسمى (Hare Krishna Moement) أو ضمير كرشنا تقودها جماعات تبشيرية في معظم أقطار العالم وخاصة أمريكا وأوربا ولها أنصار عديدون في تلك الأقطار يوجههم الكاهن المقدس – كما يدعونه – براهوباتا (Pra dhupaa) ومن تعاليم هذه الحركة أن الفيدا أو البغوات جيتا (Bhagaad-gita) هي الكتاب المقدس الأول في الكون الذي يحمل معاني الحقيقة الإلهية كما حملتها من بعده التوراة والإنجيل والقرآن. وان الإنسان جزء من الإله الأزلي الأبدي ولأجله فان كل الناس أخوان وعليهم التضحية في سبيل الأب الأعظم "كرشنا" ([27]).
ومن الملاحظ أن هذه الحركة تحظى بتأييد المراهقين في أوروبا وأمريكا أكثر من غيرهم وقد يكون ضعف الدفع المسيحي في الوقت الحاضر سبباً في انتشار هذه العقيدة في تلك القارات.
وفي خاتمة بحثنا للديانة الهندوسية نقول: أن الهند من الأمم ذات التاريخ المجيد لها مدنية قديمة وحضارة عريقة، ولكن قد طمست حضارتها تلك حضارة أخرى أتى بها غزاة فاتحون آريون، وكان هؤلاء الفاتحون يحملون معهم ديانة أخرى غير ديانة الهند القديمة وهي الديانة "الهندوسية والبرهمية" والديانة الهندية القديمة كانت ذات أصول "توتمية" حيث ارتكزت على تقديس أرواح تسكن الصخور والحيوان والأشجار ومجاري الماء والجبال والنجوم كما كانت ذات أصول طبيعية حيث ارتكزت أيضاً على تقديس القوى الطبيعية المختلفة من سماء وشمس وأرض ونار وريح وماء.
فجعلوا السماء أبا وسموه "فارونا" والأرض أما وسموها "برينيفي" والمطر هو الإله "بارجانيا" والنار هي "أجني"..والريح "فايو" والعاصفة "أندرا" والفجر"اوشاش" ومجرى الممرات في الحقل "سينا" والشمس "سوربا" أو مترا أوفشنو".
وجاءت الديانة الجديدة "البرهمية" ديانة الفاتحين ولكنها لم تمح الديانة القديمة محوا تاماً بل أن الناس قد مازجوا بين قديمهم وما عرض لهم. والديانة البرهمية ديانة وثنية أيضاً ترتكز على عبادة قوى الطبيعة المؤثرة في الكون. ومع الزمن تمثل الناس هذه الآلهة في صورة أشخاص راحوا يعبدونهم وأصبحت الشمس التي تهب الحياة إلهاً جديداً اسمه "سافيتار" وضوؤها آله آخر اسمه "فيفاسفات" ثم أصبحت الشمس التي تولد الحي من الحي آلهاً عظيماً جديداً اسمه "براجاباتي" وإلى جانب هذه الآلهة توجد آلاف غيرها منها القردة والتماسيح والنمور والطواويس والببغاوات بل وحتى الفئران والأفاعي.. وكان أكبر مراكز عبادة الأفاعي في شرقي ميسور فهناك في معابد هذا الإقليم تسكن جموع زاخرة من الأفاعي حيث يقوم الكهنة على إطعامها والاهتمام بها لأن الهندوسي لا يرى فارقاً بين الحيوان والإنسان...لأن لكل منهما روحاً....والأرواح تنتقل دائماً بين الحيوان والإنسان.. ولهذا فهي صنوف آلهية نسجت خيوطها في شبكة واحدة لا نهاية لها.
والبقرة أكثر الحيوان قدسية عند الهندوسي.. فلها تماثيل في كل معبد ومنزل وميدان.. وهي تتمتع بحرية مطلقة في ارتياد الطرقات كيف شاءت... ولا يحوز للهندوسي تحت أي ظرف من الظروف أن يأكل لحمها أو يستغل جلدها في أي صناعة من الصناعات وإذا ماتت وجب دفنها بجلال مع أعظم طقوس الدين.
وبالجملة فقد كثرت الآلهة الهندية كثرة فاحشة وتعددت تعدداً غريباً.. حتى وصلت إلى ثلاثة آلها. ثم أخذ العدد ينحسر حتى انحصرت الآلهة في ثلاثة أقانيم وهي:
1- براهما: الإله الخالق... الذي صدرت عنه جميع الأشياء والذي يرجو لطفه وكرمه جميع الأحياء وينسبون إليه الشمس التي يكون لها الدفء وتجري الحياة في الحيوان والنباتات.
2- سيفا اوسيوا: الإله المخرب المفني الذي تصفر به الأوراق الخضراء.. وفني مياه الأنهار وينسبون إليه النار لأنها عنصر مدمر مخرب.
3- فشنو: الإله الذي يتولى المحافظة على الخلق والوجود.. فكل معاني الخير والسمو من فيض فشنو وكل الحكماء والصالحين يقومون بالعدل والصلاح. والفضيلة وينصرون الأخيار على الأشرار بفيض من فشنوا.... وأعظم ما يتجسد فيه فيشنو هو شخصية "كرشنا".
وبعد أن أرجع الهندوس كل شيء إلى هذه الآلهة الثلاثة عادوا إلى توحيدها في شخص "براهما" وارجعوا إليه كل شيء..وهكذا عرف الهندوس مبدأ التفريد "الإله الأعظم" لا عقيدة التوحيد لأنهم لم يفردوا "براهما" في العبادة والخلق والاعتقاد وإنما كان اعتقادهم شبيهاً باعتقاد عرب الجاهلية حيث كانوا يعتقدون بآله خالق لكل شيء ولكنهم كانوا في الوقت نفسه يعبدون الأوثان لتقربهم إلى الله زلفى([28]).


