كتاب " الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم " ، تأليف هشام أبو حاكمة ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر وال
أنت هنا
قراءة كتاب الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وإذا كانت إسرءيل قد فرضت حجرا على الدراسات والأبحاث المؤيدة للتاريخ الفلسطيني القديم ، إلى جانب عدم مصداقية الروايات التاريخية للعهد القديم ، فإن هذا الصراع القائم من أجل المحافظة على الأساطير القديمة للتاريخ الإسرءيلي قد بدأ ينهار ويتفكك – ولو أنه صراع لم ينته بعد – وأن وقت الحساب قد دنا ، وأن الوعي التاريخي قد بدأ يغزو عقول المؤرخين والعلماء على اختلاف أجناسهم ، وليس الوقت ببعيد إن شاء الله ، أن نسمع عن إعادة لكتابة تاريخ المنطقة القديم بناء على السجلات التاريخية ، والتنقيبات الآثارية ، والحقائق الدينية الثابتة فقط .
إننا نرفض بشدة ، أن يبقى تاريخ المنطقة القديم حكرا على هـذه الأساطير المزعومة ، بسبب إيمان إسرءيل بها ، ووقوفها إلى جانبها . فكل الشعوب لها تاريـخ ، وكل الشعوب تدقق وتراجع تاريخها بين الحين والآخر ، وإذا كانت الفترة الماضية قد شهدت انتصارا لهذه الأساطير ، فقد حان الوقت لاستبعادها من تاريخ المنطقة وتنقيته منها . صحيح أننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بين يوم وليلة ، ولا حتى سنة أو سنوات ، لكن المفروض أن نبدأ ونتوكل على الله ، وإنا إن شاء الله لمهتدون .
لقد آن لعلمائنا ومؤرخينا خاصة أن يتحرّروا من سيطرة أساطير العهد القديم على عقولهم ، ومن الأحكام التوراتية المفروضة عليهم ، ومن هذه المفاهيم المغلوطة التي يرددونها صباح مساء ، هؤلاء الذين أسلمت لهم الأمة قيادها ، وأرست مراكبها بين أيديهم ، وعلى صفحات مخطوطاتهم ، وجعلتهم أمناء على هذا التاريخ ، فإما أن يكونوا على قدر المسؤولية والأمانة ، أو أن ينزووا ويبتعدوا.
وإذا كان التاريخ هو سلاح الوجود والبقاء الذي تحاربنا به إسرءيل ، معتمدة في ذلك على أساطير العهد القديم ، وأنها بناء على هذه الأساطير تنظر إلى فلسطين وكأنها أرض بلا شعب ، وإلى أنها وعد من الله وميراث أبدي لها ، فلماذا لا نحاول مجابهتهم بنفس السلاح ، ونفس العزيمة والتصميم ؟
لا بد من العودة إلى الأصول ، وبعثها من جديد ، لأن معرفة الأصول هـي الأساس الذي تبنى عليه الحقائق التاريخية ، وأن نتعمق ونتعرف أكثر على الأصول التي انبعثت منها أساطير بني إسرءيل القديمة ، وتاريخهم الذي يعتبرونه مقدسا ، ونحـاول تفنيدها وكشف أستارها .
إن الأساطير الواردة في هذا الكتاب ليست بالتأكيد هي جميع أساطير العهد القديم ، ولكنها بعض من هذه الأساطير التي كان لها دور كبير في رسم تاريخ إسرءيل القديم ، وتاريخ المنطقة أرضا وشعبا .
ولا بد لنا هنا من توضيح معاني بعض المصطلحات المستخدمة في هذا المؤلف ، وغيره ، والتي يكثر استعمالها بين الكتاب والناس في حياتهم العامة ، ومع الأسف فـإن الكثير من هذا الاستعمال يكتنفه الخطأ .
ففي أثنـاء القـراءة يصـادف القارئ مصطلحان ، هـما ( اليَهوَذِيّون ) ، و ( اليَهوِيّون ) ، وهذه المصطلحات تعني :
اليَهوِذيّون : وهم عبارة عن سكان منطقة أو إقليم أو مملكة ( يَهُوذَا ) ، وتشمل أورشالم ، فنطلق عليهم اسم ( اليَهوَذِيّون ) ، وقسم كبير من هؤلاء كانوا على ديانة الإله ( يَهوَه ) ، وخاصة بعد وفاة سليمان عليه السلام .
اليَهوِيّون : وهم أتباع عبادة الإله ( يَهوَه ) ، وكان أغلبهم يسكن أورشالـم ، ومنطقة يهوذا .
أما مصطلح ( بنو إسرءيل ) فقد تم استعماله في هذا المؤلف بكثرة ، وليس من المستبعد أن يكون قد حصل تضارب في استعماله سهوا . وعلى كل فإن ( بنو إسرءيل ) هم أبناء يعقوب عليه السلام ، وأتباعهم ، ومن كان يتبع ديانتهم وهي ديانة التوحيد ، وقد بقي ذلك ساريا في عهد يعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام ، ولا شك في أن ردة قد حدثت في بني إسرءيل وهم في طريقهم إلى الأرض المقدسة ، واستمر هذا المصطلح مقبولا في عهد كل من يوشع وداود وسليمان عليهم السلام ، أما بعد موت سليمان عليه السلام ، فقد حصلت ردة كبيرة في بني إسرءيل ، فعبدوا الإله ( يَهوَه ) وغيره . ولهذا فليس من الدقة أن نطلق على هؤلاء اسم ( بنو إسرءيل ) بعد سليمان عليـه السلام .
كما فضلنا أن نكتب كلمة ( إسرءيل ) بالرسم القرآني ، للدلالة على إسرءيل المقصودة تاريخيا ، وهي القديمة ، وذلك للتفريق بينها ، وبين إسرائيل السياسية الحالية ، والتي في رأينا لا تمت إلى إسرءيل القديمة بأية صلة .
وختاما فإنني أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من مد يد العون والمساعدة في تأليف هذا الكتاب . والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى طريق الإيمان السليم ، والخير العميم .
هشام محمد أبو حاكمة