كتاب " الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم " ، تأليف هشام أبو حاكمة ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر وال
أنت هنا
قراءة كتاب الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرءيلي القديم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأسطورة والتاريخ
سؤال يتبادر إلى الذهن عند قراءة الأسطورة ، وهو : هل الأسطورة تاريخ ؟ أو هل تصلح الأسطورة لأن تكون تاريخا ؟
ليس من المفروض أن الذين كتبوا الأسطورة يؤمنون بها ، فقد تكون الظروف هي التي أملت عليهم كتابة مثل هذه الأساطير ، لتحقيق غرض ما ، أو لإيصال فكرة ما إلى المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه . وبالتالي فليس من الضرورة أن تكون الأسطورة تمثل واقعا تاريخيا عاشه المؤلف ، أو أشخاص أسطورته . ولكنه استخدم المعاني الدينية ، والأفكار القدسية ، لأن الأمور الدينية كثيرا ما تكون سيطرتها على العقل البشري أكثر من غيرها، وبالتالي تكون مدعاة أسرع إلى التصديق والإيمان بما جاءت به هذه الأساطير .
وحرصا من هؤلاء على أهمية الأساطير ، وحقيقتها ، فإنهم يرون أنها تاريخية ، وإذ يصفونها بالقدسية ، فإن ذلك يزيد من أهميتها ، ووجوب سرعة تصديقها .
وكلما ازداد ارتباط الأسطورة بالدين والقداسة ، كلما ساعد ذلك على ديمومة الأسطورة ، وسرعة انتشارها . ولكن هذا لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال دليلا على صدقية وتاريخية هذه الأسطورة .
ولكن ما من شك في أن الأسطورة تزود الذاكرة الإنسانية ، ببعض المشاهد والأحداث التاريخية القديمة . والتي قد تلقي بعض الأدلة على الواقع التاريخي المعاصر لكتابة تلك الأساطير .
صحيح أن التاريخ الأسطوري يخلط الأحداث التاريخية بعالم الآلهة والقداسة ، في حين أن التاريخ العادي ، يربطها بالإنسان وسلوكياته ، والتي قد لا تشكل أهمية فيما بعد ، وبالتالي فلا داعي للاحتفاظ بها . ولكن إذا ما أريد للحدث التاريخي أن يدوم فيجب ربطه بمفهوم ديني . وكلما كان هذا المفهوم الديني شائعا ، كان الحدث التاريخي المرتبط به أكثر عمقا ، وامتدادا في عمر التاريخ .
وإذا ما تصفحنا التاريخ القديم ، نجد أنه تم إضفاء الصبغة الدينية على مجمل أحداث تاريخ ذلك الزمن . ويعود سبب ذلك إلى أن الملوك والذين كانوا يصنعون التاريخ في حينه ، كانت لهم صفة الألوهية والقدسية ، ويتبع ذلك أن كل عمل يقومون به لا بد وأن تكون له هذه الصبغة . فالإله ( الملك ) هو الذي يصنع تلك الأحداث ، ولهذا يجب أن يخلّد .
إن هذه النظرة إلى التاريخ القديم المقدس ، تجعل الإنسان العادي خارج الزمن الماضي ، وأنه لا قيمة تاريخية له في بعده عن الأمور الدينية وعدم التزامه بها .
وليس هذا فحسب ، بل أن المعتقدات الأخرى سواء ما يتعلق منها بالبيع أو الشراء ، أو الطقس ، أو الحرب ، أو الخلق ، يجب ربطها بالأمور الدينية ، أو على الأقل إيجاد ما يربطها دينيا بالفكر الديني المتبع ، إذا ما أريد لها أن تصبح أحكاما يتبعها الناس .