أنت هنا

قراءة كتاب الثقافة والمجتمع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الثقافة والمجتمع

الثقافة والمجتمع

كتاب " الثقافة والمجتمع " ، تأليف د. سمير إبراهيم حسن و تقديم أ.د خضر زكريا ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

2- الثقافة بالمعنى الخاص
هي عندما تكون محددة ومتعينة وذلك عندما نلحق الكلمة (ثقافة-الثقافة) بمجال أو مفهوم ما آخر، شخص أو جماعة أو المجتمع بأسره، أو عندما تتعلق برسالة مؤسسة كالجامعة أو الحزب أو الدولة، أو بأشكال اكتسابها، أو باعتبارها نتاجاً خاصاً ومميزاً (بكسر الياء) لكل من هذه المجالات. إن مفهوم الثقافة عندئذ يتبدل ويتعدد أكثر ولكنه يصبح أكثر وضوحاً وتحديداً.
ماذا نعني بالثقافة، مثلاً، عندما نقول " امرأة مثقفة- رجل مثقف" أو "الإشعاع الثقافي" أو " التحرر الثقافي" أو "التنمية الثقافية" أو "البعد الثقافي للتنمية" أو "المشروع الثقافي" أو "السياسة الثقافية" أو "الصناعة الثقافية" أو "ثقافة الأمة" أو "التنشئة الثقافية" أو "تبعية ثقافية" أو "تخلف ثقافي" أو "غزو ثقافي" .........إلخ؟
مثل هذا السؤال، وهذه العبارات، يحيلنا إلى مفهوم الثقافة بالمعنى المحدد، وذلك عندما نربط الثقافة بمفهوم آخر، فرداً أو جماعة أو مجتمعاً، أو صفة، أو آلية-عملية ما. ويجعلنا أكثر اقتراباً من الثقافة بالمعنى الخاص.
1- فعندما ترتبط الثقافة بالفرد الشخص، عندما نشير إلى شخص بأنه "مثقف" فإنها تعني سعة أفقه المعرفي واهتمامه وسعيه إلى تطوير مواهبه وأفكاره ومعارفه بدراسة الآداب والعلوم والفنون والسياسة ومدى تحصيله منها، وما هي اتجاهاتها في التصنيفات السائدة؟ دينية علمانية سلفية حديثة.....إلخ.
2- وإذا ربطنا الثقافة بصفةٍ معينة، فإنها تعني المعارف الخاصة بتلك الصفة، حيث تشير إلى نوعيتها أو مضمونها. كأن ترتبط بالتركيز على مجال معرفي ما، فتكون "ثقافة" أدبية، أو موسيقية، أوفلسفية، أوعلمية، أو سياسية.....إلخ.
3- وحين نضيف كلمة ثقافة إلى آلية ما كطريقة اكتسابها تكون إما ثقافة كتب أو ثقافة إعلام جماهيري أو ثقافة إنترنت، أو تكون ثقافة تعليم منظم (مدرسي أو جامعي) أو ثقافة تجربة ذاتية.....إلخ.
4- أما عندما نربط الثقافة بعملية اجتماعية مركبة وموجهة ما ، كالمشروع الثقافي أو التخطيط الثقافي أو التنمية الثقافية، فإنها تشير عندئذ إلى القيم والمفاهيم الاجتماعية المحددة المرغوبة والمطلوب نشرها وترسيخها في المجتمع لدى أفراده أو مؤسساته كالقيم الاشتراكية أو الليبرالية أو القومية أو الوطنية المحدودة...إلخ
5- وعندما نذكر الثقافة باعتبارها بعداً من أبعاد السيرورة الاجتماعية، كأن تكون مثلاً، بعداً من أبعاد العولمة، فإنها عند ذلك تعني "المعنى العلمي الاجتماعي المألوف: جملة المعتقدات، القيم وأنماط الحياة لدى الناس العاديين في حياتهم اليومية"[7].
6- وقد تتصل الثقافة بموضوعات ومفاهيم فريدة ومحددة، كالعمل والديمقراطية والمواطنة والحوار فتشير عندئذ إلى نوع من الإحاطة بهذه المفاهيم وطبيعتها ومكوناتها وعناصرها ومتطلباتها وشروطها وتاريخها، كـأن نقول "ثقافة المواطنة"، "ثقافة الديمقراطية"، "ثقافة الحوار"، "ثقافة العولمة"......إلخ
7- وعندما ترتبط الثقافة بإصدار أحكام أو بتحديد قيمتها وأهميتها بالنسبة إلى الإنسان الفرد العضو في المجتمع فإنها حصيلته من المعارف والأفكار والاطلاعات والذوق التي تؤدي إلى:
أ- توسيع أفق الفرد وجعله أكثر قدرة على التكيف الاجتماعي في المجتمع أو بيئة العمل أو المجتمعات التي يمكن أن ينتقل إليها.
ب-تجعل المرء أكثر قدرة على فهم ما يدور حوله وأكثر تمكناً من قدراته الذاتية العقلية والتحليلية.
ج-الثقافة (بمعنى الاطلاع والمعرفة خارج المهنة أو التخصص الضيق) تجعل الفرد أكثر قدرة على الاستيعاب والإبداع وأوسع آفاقاً في مجال المهنة أو التخصص الذي يعمل فيه، وأكثر قدرة على توظيف ما تعلمه وتلقاه في الواقع الحقيقي.
د- تخفف التعصب والانغلاق، وتجعل الشخص أكثر قدرة على التفاهم والحوار والتواصل والتعامل مع الآخر.
هـ-توسع خيارات الفرد، وتجعل الإنسان أكثر حرية وأكثر قدرة على الاختيار وعلى المشاركة الاجتماعية بما تتيحه له من معرفة واطلاع.
و- الإنسان الأقل ثقافة، الأقل معرفة واطلاعاً، أقل حرية، وأقل قدرة على التحرر من الانغلاق على الذات، وأقل قدرة على الاختيار والمشاركة الاجتماعية.
هكذا نجد أنه إلى جانب مفهوم عام وعناصر ومكونات عامة في الثقافة، فإن للثقافة خصائص متبدلة وطارئة بقدر ما تكون متعينة في الواقع ومتصلة بمجالات محددة شخصية أو معرفية، بقدر ما تحدث من تغيرات حاسمة ومن تطلعات وآمال جماعية أو فردية. ويعمق ذلك اليوم أن السياسة والقانون والعلوم والتكنولوجيا، وبفعل التعليم والإعلام، باتت تتدخل بقوة في مفهوم الثقافة التقليدي، فتعدله وتغيره بشكل يبدو متناقضاً، بحيث تظهر الثقافة اليوم كثقافة مشتركة بقدر ما هي ثقافة متنوعة وشخصية. (الإطار 2).
 

الصفحات