أنت هنا

قراءة كتاب هكذا تكلم زرادشت - للمجتمع لا للفرد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هكذا تكلم زرادشت - للمجتمع لا للفرد

هكذا تكلم زرادشت - للمجتمع لا للفرد

يُعدّ كتاب "هكذا تكلم زرادشت" أ

تقييمك:
4.666665
Average: 4.7 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
يعتبر فريدريك نيتشه، الفيلسوف والشاعر الألماني، من أبرز الممهدين لعلم النفس، كما يعتبر عالم لغويات متميزا. كتب نصوصا وكتبا نقدية حول المبادئ الأخلاقية، والنفعية، والفلسفة المعاصرة، المادية، المثالية الألمانية، الرومانسية الألمانية، والحداثة عُموماً بلغة ألمانية بارعة. يعد من بين الفلاسفة الأكثر شيوعا وتداولا بين القراء. وكثيرا ما تفهم أعماله خطأ على أنها حامل أساسي لأفكار الرومانسية الفلسفية والعدمية ومعاداة السامية وحتى النازية، لكنه يرفض هذه المقولات بشدة ويقول بأنه ضد هذه الاتجاهات كلها.
 
في مجال الفلسفة والأدب، يعد نيتشه في أغلب الأحيان إلهاما للمدارس الوجودية وما بعد الحداثة. روج لأفكار توهم كثيرون أنها مع التيار اللاعقلاني والعدمية، واستخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل أيديولوجيي الفاشية.
 
رفض نيتشه الأفلاطونية والمسيحية والميتافيزيقيا بشكل عام، ودعا إلى تبني قيم جديدة بعيدا عن الكانتية والهيغيلية والفكر الديني والنهلستية.
 
وسعى إلى تبيان أخطار القيم السائدة عبر الكشف عن آليات عملها عبر التاريخ، كالأخلاق السائدة، والضمير. ويعد أول من درس الأخلاق دراسة تاريخية مفصلة. وقدم تصورا مهما عن تشكل الوعي والضمير، فضلا عن إشكالية الموت. كان نيتشه رافضا للتمييز العنصري ومعاداة السامية والأديان ولاسيما المسيحية لكنه رفض أيضا المساواة بشكلها الاشتراكي أو الليبرالي بصورة عامة.
 
ولد نيتشه عام 1844 لقس بروتستانتي وعاش حياة مدرسية عادية ومنضبطة، تأثر في صغره بقيم الوحدة الألمانية وزعيمها بسمارك ورأى فيه كمالا للشخصية الألمانية. توفي والده وهو في الخامسة من عمره فعرف انقلابا وجهه إلى التشاؤم واكتشف في نفس الوقت الفيلسوف الألماني شوبنهاور وانغمس في قراءاته، كما عشق الموسيقى الكلاسيكية وقام بمحاولات لتأليفها.
 
في الجامعة درس نيتشه الفيلولوجيا وتعلم اللغات القديمة واهتم في سنة التخرج بالمسرح والفلسفة الإغريقية القديمة وبعد تخرجه ومزاولته لتدريس الفلسفة في المعاهد الألمانية بدأت صحته تتدهور.
 
تعرف نيتشه على الموسيقار الألماني الشهير ريشارد فاغنر ورأى فيه تجسيدا للعبقرية وعاش معه فترة رافقه فيها في رحلاته ولكن سرعان ما انقلب نيتشه ضده، وكانت القطيعة بينهما هي الشرارة التي أطلقت فكر نيتشه مثل العاصفة على القيم الأوروبية، إذ رأى في المسيحية انحطاطا وأن النمط الأخلاقي الصائب هو النمط الإغريقي.
 
كتب نيتشه في فترة قصيرة العديد من الكتب التي أثارت النقد الشديد وهاجم كل القيم دون استثناء، معيدا إلى الفلسفة دورها في إعادة النظر في كل شيء وعدم التسليم بالبديهيات، وصاغ فكره في فلسفة إرادة القوة ومنها خرجت فكرة «السوبرمان»، حيث أراد نيتشه تجاوز مرحلة الإنسان بإعلان موت الإله ومنه نهاية وصايته. كتب نيتشه في السنوات الأخيرة من حياته أعظم أعماله وأكثرها تعقيدا كتابه الذي بين أيدينا «هكذا تكلم زرادشت».
 
دخل نيتشه عالم الفلسفة عبر الفيلولوجيا (وهي دراسة الكتب التاريخية في إطارها التاريخي الصحيح من دون ترجمة) ومكنته دراسته الجامعية من تحصيل ثقافة كونية شاملة. كان اهتمامه الأولي ومهنته هي الكتب الفلسفية اليونانية القديمة. وكان الرافد الأساسي لكل ما سيقدمه في التفكير الفلسفي هو الفكر الإغريقي القديم الذي كان بالنسبة إليه مقياس الأشياء، والذي رأى من خلاله انحطاط عصره. لقد كان نيتشه اقرب إلى أن يكون أخلاقيا من أن يكون فيلسوفا بالمعنى المعروف في عصره إذ نظر للأخلاق وبحث فيها ولم ينظر للماهيات.
 
وتعد فلسفة هذا الفيلسوف ترجمة أمينة لمأساته الذاتية لاسيما إذا ما أخذنا في اعتبارنا أنه أغرم بفتاة من أصل روسي هي: لور أندرياس سالومي وعرض عليها الزواج فرفضته.
 
أما قصته مع المرض فهي أكثر إيلاماً..فقد ألف نيتشه مؤلفاته وهو يحارب المرض بضراوة، يكتب برغم عينيه نصف الضريرتين ونوبات الصداع الحادة والآلام الجسمانية العنيفة.
 
وفي عام 1889 أصيب بانهيار عقلي أعقبه شلل تدريجي وقضى أحد عشر عاماً في إحدى المصحات العقلية حتى وافاه الأجل عام 1900.
 
هذا العذاب البدني والفكري يحسه القارئ حين يقرأ (زرادشت) فهو تعذيب فكري منهجي للعقل البشري، تبدو كتب الطب على قسوتها إلى جانبه حنونة وادعة!

الصفحات