أنت هنا

قراءة كتاب أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي

كتاب " أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

1/ تجليات الأزمة

ودواعي الإصلاح

لا نميل إلى المقاربات النمطية التي تختزل تجليات الأزمة فيما أصبح يعرف بالحرص الغربي على اجتثاث الهوية الإسلامية وإن كنا لا نستثنيها، دون الالتفات إلى المشاكل العلمية والتربوية والمنهجية التي يعاني منها حضور الدين في المنظومة التربوية، كما لا نحبذ اتهام هذا النوع من التعليم بالانغلاق والتعصب وعدم الإنتاجية مسايرة لفئة نافذة في الاقتصاد والسياسة والإعلام لا تنظر إلى هذا النوع من التعليم بعين الرضى لأنها ترى فيه نقيض مصالحها.

إننا نبحث عن مقاربة عقلانية حقيقية تعتمد قواعد البحث العلمي، بعيدا عن نظرية الإقصاء، وبعيداً في الوقت نفسه عن نظرية المؤامرة. ونركز على الأبعاد الداخلية للأزمة لأننا نعتبرها مجال اشتغال مستمر عبر تاريخ مسيرة الحركة العلمية والتعليمية لزعماء الإصلاح، وليست وليدة اللحظة، وأن الإصلاح من الداخل هو المخل الطبيعي لأي إصلاح حقيقي.

فبالنظر إلى مسيرة مشاريع الإصلاح التي عرفها العالم الإسلامي في مختلف حواضره العلمية الكبرى نلحظ أن الدعوة إلى الإصلاح كانت وفق نظرة شمولية لملف التعليم ككل، وبما أن الجامعات التي كانت رائدة هي تلك التي ارتبطت في أذهان الناس بالدين كمرجعية وليس كتخصص في التعليم، فيمكن أن نقول: إن الدعوة إلى إصلاح أنظمتها التعليمية لم يكن يقصد بها التعليم الديني، بقدر ما تركزت على ضرورة إصلاح مناهج تعليم الدين وغيره من العلوم الأخرى. إلى أن حدثت عملية الفصل التي تحدثنا عنها في سياق التحديدات المصطلحية.

وفي انتظار بلورة تصورات عملية لعودة روح التكامل بين العلوم إلى مؤسساتنا التعليمية، سنتعامل مع واقع الحال في محاولة لرصد الإشكالات التي يعرفها التعليم الديني وتعليم الدين على حد سواء، في صياغة المناهج (محتوى / طرق ووسائل التدريس / التقويم)، انطلاقاً من رصد واقع البحث العلمي التربوي في هذا التخصص، مستخدمين على مستوى رصد منظومة المنهاج التربوية مصطلح علوم الشريعة الذي يجمع (علم العقائد/ علوم القرآن / علوم الحديث والسيرة النبوية / الفقه وأصوله...) والتي تشكل صلب التعليم الديني وتعليم الدين.

1/ في وضعية البحث التربوي في علوم الشريعة:

نعتقد أن رصد واقع البحث التربوي واعتماد نتائجه سواء في تشخيص وضعية التكوين أو بناء استراتيجيات التطوير في أي منظومة تربوية يعتبر المدخل العلمي الوحيد لرصد الحقائق، وتحديد آفاق العمل. لذلك ارتأينا أن ندخل تشخيص أزمة تدريس علوم الشريعة من بابها عن طريق تشخيص واقع البحث التربوي المتخصص فيها.

إن الناظر في البحوث والدراسات المتأخرة التي حاولت رصد النظرية التربوية الإسلامية في التدريس عموماً وتدريس علوم الشريعة على وجه الخصوص، وجدت نفسها أمام آداب وتوجيهات عامة وإجابات عن قضايا في رواية العلم ودرايته لا يربطها خيط ناظم، فتجدها تحاول أن تعيد تركيب تلكم الإجابات والتجارب التربوية المدونة في سياقات منتظمة تعطي نظرة متكاملة عن الفكر التربوي الإسلامي، وعرضه كنظام متكامل إلى جانب التجارب الأخرى التي عرفتها الحضارة الإنسانية.

فالناظر في كتب مناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية يجدها تتضمن توجيهات عامة وخطط تدريس تكاد تكون متشابهة، وهي على أهميتها عموماً تعكس أزمة وشح التأليف المتخصص في هذا الموضوع في مراكز البحث العلمي، ويكفي أن تطلع على آخر الإصدارات لتقف على هذه النتيجة ككتاب طرق تدريس المواد الدينية الإسلامية في المدارس المتوسطة والثانوية لحسن ملا عثمان الصادر سنة1996[13]، وكتاب التربية الإسلامية ومن التدريس لعبد الوهاب عبد السلام طويلة الصادر سنة 1997[14]، وكتاب طرق تدريس مواد العلوم الشرعية في المرحلة الابتدائية للدكتور ين محمد شحاتة وعبد الله بن محمد الجغيمان الصادر سنة 1998[15]، وكتاب طرائق تدريس التربية الإسلامية وأساليبها وتطبيقاتها العملية للدكتور أحد الخوالدة

والأستاذ يحيى إسماعيل الصادر سنة 2003[16]، وكتاب تدريس التربية الإسلامية الأسس النظرية والأساليب العملية للدكتور ماجد زكي الجلاد الصادر سنة 2004[17].

وإذا ما انتقلنا إلى التأليف المتخصص في المناهج التعليمية لفن من فنون علوم الشريعة فإننا لا نكاد نقف إلا على محاولات عزيزة ونادرة، فقد قرأت منذ بضعة سنوات كتاباً بعنوان (النظرية التربوية في طرق تدريس الحديث النبوي) لمؤلفه الأستاذ يوسف محمد صديق[18]، بذل فيه المؤلف مشكورا جهداً كبيراً في تتبع وجمع وتنسيق المادة التعليمية في أحاديث رسول الله r وصحابته والسائرين على منهج التعليم من بعدهم، في سياق يقنع القارئ بالجهد الكبير الذي بذله علماؤنا رضوان الله عليهم في نشر العلم،كما أن المؤلف أبدع في صياغة عناوين ومباحث تنتظم الأفكار التربوية تحتها انتظاماً برؤية تربوية نابعة من التجربة الميدانية في التربية والتعليم.

وقد ألف الدكتور أحمد محمد نور سيف في نهاية التسعينيات كتابا بعنوان من أدب المحدثين في التربية والتعليم[19]، رام فيه استخلاص التوجيهات التربوية والتعليمية التي ينبغي أن تتوافر في طلاب الحديث انطلاقاً من المصادر الحديثية المعتمدة وكتب آداب العالم والمتعلم التي يزخر بها تراثنا التربوي، مبرزاً أهمية مثل هذه التوجيهات والآداب في صياغة الشخصية الإسلامية المعاصرة، يقول المؤلف: (والغاية من هذه الآداب توجيه الشباب إلى منهج السلف الصالح في طلب العلم، وفي كيفية التعامل مع الناس مع مراعاة الاعتبارات التالية):

· إن العلم وحده لا يكفي في تربية الشعوب.

· إن التربية تحتاج إلى إعداد وممارسة وقدوة حسنة وهذه لا تتحقق بمجرد التلقين والوعظ.

· إن التربية تقوم على آداب تستوعب حياة الفرد في جميع أعماله وتصرفاته.

الصفحات