أنت هنا

قراءة كتاب الأشاعرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأشاعرة

الأشاعرة

كتاب " الأشاعرة "، تأليف الشيخ عبد الكريم تتان ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

والنص بسياقه يدل على مجموعة من الحقائق، منها: أن الكليم رأى ناراً، وعبر عن رؤيته تلك بقوله: {آنَسْتُ} لِما توقع منها، ويُفهم -إذ أفرد إسناد الفعل له وحده، وأخبر أهله به- أن أهله لم يلحظوا هذا، وإن لم يكن هذا الفهم قطعياً، وكشف لأهله عن دافعه حيث أمرهم بالمكث في مكانهم، ليذهب وحده إلى تلك النار بدافعين: الأول أن يجد عند النار من يخبره عن الطريق، وهو الأهم حيث قدمه في التعليل، والثاني أنه إن لم يجد عندها من يخبره، فسيأتي منها بقبس للاستدفاء به، ولعل من دقائق التعبير أن الألفاظ قد جاءت من المتشابه البين؛ {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}، ومكان النار هو المحل الذي نودي منه الكليم؟؟ ولما كان هذا من المتشابه الصارخ، جاء العطف على أروع ما يكون العطف، تقريراً لتنزيه من ليس كمثله شيء، بقوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 27/8] ، أي جل الله تعالى عن المكان الذي أوهم ظاهرُ التعبير به، إذ المكان والزمان من مخلوقات الله تعالى، الذي ليس لوجوده بداية، وكان الله ولا شيء معه، فهل تطلَّب الإيحاء أن يرفع إلى السماء حيث الجهة "المتوهمة" لله تعالى ليقع هناك؟ وهل تبقى لمعتقدي الجهة بعد هذا البيان حجة يستندون إليها؟؟

ويقال لهؤلاء: لم تُعملون حديث الجارية في إثبات الجهة، وهو على ما عرفنا من اختلاف الرواية فيه، كما سنبين آنفاً، وتقفون أمام النص القرآني الصارخ الذي ليس فيه روايةٌ فحسب، لتعملوا فيه الصرف عن ظاهره بما أمكنكم من الصرف مع شدة أسر ظاهره دلالة على "المكان"؟

فإن قالوا: هذا نص متشابه، قلنا: وهل حديث الجارية من المحكم؟

وإن قالوا: الله تعالى منزه عن جهة التحت؟ قلنا: وهو سبحانه منزه عن كل الجهات المخلوقة، وليست جهةٌ أَوْلى به من جهة بعد استحالتها كلها في حقه.

ثم دعوناهم إلى الوقوف من نصوص المتشابه موقفاً واحداً، يقوم على "التنزيه المطلق" لله عن الظاهر المتبادر الذي يوهم الجهة -المستحيلة في حقه- بحجة النصوص المحكمة، واعتقاد معنىً يراد من كل نص من المتشابهات، ونفوّض أمر تحديده لله تعالى، أو: من أراد أن يسلك مسلك تأويل المتشابه بحسب قواعد التأويل التي اتفق عليها العلماء، فله ذلك، وإن كنّا على مذهب السلف في ترك التأويل، والاكتفاء بالتفويض الأسلم والأحكم..

فإن أبى معتقدو الجهة إلا ما اعتقدوه، ذكرناهم بقوله تعالى في حق من تشبث بالمتشابه يريد "الفتنة" أو "يريد تأويله"، علماً أنه لا يعلم تأويله إلا الله، نذكرهم بقوله تعالى في ذلك: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 3/7] .

وهل هناك فتنه أكبر من أن ينسب لله تعالى ما لا يليق بعظمة ذاته أو بصفاته؟!

وهنا نكشف أبعاد ما يعتمد عليه معتقدو الجهة من حديث الجارية، ونذكر ما قرره العلماء فيه:r

إن لفظ الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً أتى النبي r بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله، إن عليّ عتق رقبة مؤمنة؟ فقال لها: «أين الله؟»، فأشارت إلى السماء بأصبعها، فقال لها: «فمن أنا؟»، فأشارت إلى النبي r

وإلى السماء، تعني: أنت رسول الله، فقال رسول الله r: «أعتقها، فإنها مؤمنة». ورواه مسلم (537) بلفظ: «قالت: في السماء... قالت: أنت رسول الله».

وثمة رواية مجوّدة عند البيهقي في (السنن الكبرى)، وعند مالك مرسلاً (2/777)، وجعلها الشيخ شعيب الأرناؤوط «اللفظ الصحيح لهذا الحديث» في تعليقه على المسند (7906)، يحسن إيرادها، وهي: فقال لها رسول الله r : «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟»، قالت: نعم، قال: «أتشهدين أن محمداً رسول الله؟»، قالت: نعم، قال: «أتوقنين بالبعث بعد الموت؟»، قالت: نعم، فقال رسول الله (ص): «أعتقها». وهذه الرواية يمكن حملها على "أنها خرساء" دون تكلف.

وعليه، فقد اختلفت رواية هذا الحديث، فمن مصرّح بالقول، ومن مؤكد للإشارة، ومن محتمل لكليهما، والرواية هي رواية للإشارة، عليها تحمل باقي الروايات إن ثبت اتحاد الحادثة، والحال هذه تجعل من الحديث مع اختلاف رواياته يقبل مجموعة من الاحتمالات، يبطل معها الاعتماد عليه حجة، وخاصة في مضمار الاعتقاد! علماً أنه مع رواية النطق هو من المتشابه!!.

هذا، وسبب الإشارة رواه أحمد (2/291)، وأبو داوود (3284)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (7/388) تحت عنوان: باب إعتاق الخرساء إذا أشارت بالإيمان وصلّت.

ففُهم إذن من إشارتها إلى السماء علو رتبة معبودها أن تحيط به الجهات، كالموجود في بيوت الأصنام، وعلم أن النبي r سألها عن ذلك ورضي منها ما أشارت لكونها خرساء ليس إلا، ولم يرد عنه -وحاشاه- r أنه كان يمتحن إيمان الناس بهذا أبداً! فكيف يجعل هؤلاء من هذا السؤال سبيلاً لاختبار عقائد الآخرين؟ أيرون أن الناس كلهم "جوارٍ سود"؟.

وإذ إن هذا الحديث أقوى شبهة للخصم.. تجدر الإشارة إلى مزيد من بيانه ورفع إشكاله: فيقال لصاحب الشبهة، أو للحشوي المشبّه: كما أثبت صفة العلو والفوق بحديث... وجب عليه إثبات صفة الأمام، وذلك للحديث الصحيح الذي رواه البخاري (406)، والذي ليس فيه ما في حديث الجارية: «إذا كان أحدكم يصلي.. فلا يبصق قبلَ وجهه إذا صلى»، وفي رواية: «إنّ ربه بينه وبين القبلة».

بل إن هذا الحديث أولى بإثبات صفة الأمام من حديث الجارية، لأن حديث الجارية الإثبات فيه حاصل بالإشارة، كما ذكرنا بالتحقيق، وهذا مصرّح بالقول، والمصرح به مقدم عند علماء الأصول على الإشارة.

وحاشاه سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، والمشكلة -كما قال العلماء- لا ترفع إلا بفهم معنى الجهة، وما ورد من هذه النصوص -كما قال ابن عبد البر رحمه الله- فالمراد تعظيم الشأن.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «وفيه الرد على من زعم أنه -سبحانه- على العرش بذاته، ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك»[1].

وعلى كلٍّ، فهذه النصوص من المتشابه، ويجب حمل المتشابه على المحكم، كقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 42/11] .

ونافلة؛ قال الإمام النووي في حديث الجارية هذا: «...هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الإيمان، أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أن الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وتنزيهه عن سمات المخلوقات، والثاني: تأويله بما يليق به، فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها؛ هل هي موحِّدة تقرّ بأن الخالق المدبّر الفعّال هو الله وحده، وهو الذي إذا دعاه الداعي.. استقبل السماء، كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة، وليس ذلك أنه منحصر في السماء، كما أنه ليس منحصراً في جهة الكعبة»[2].

وأكد هذا الاتجاه علم من أعلام السلف القاضي عياض حيث قال: «لا خلاف بين المسلمين قاطبة؛ فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم، أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء، كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 67/16] ونحوه.. ليست على ظاهرها، بل متأولة عند جميعهم..»، إلى أن قال رحمه الله: «ويا ليت شعري؛ ما الذي جمع أهل السنة والحق كلهم على وجوب الإمساك عن الفكر في "الذات" كما أمروا؟! وسكتوا لحيرة العقل، واتفقوا على تحريم "التكييف والتشكيل"، وأن ذلك من وقوفهم وحيرتهم غير شك في الوجود، أو جهل بالموجود، وغير قادح في التوحيد»[3].

أما أن يفتن الناس بمثل هذا، ويمتحن إيمانهم بسؤالهم: «أين الله؟».. فهذا ما لا يرضاه المنصفون الذين يحرصون على نزع فتائل الشبه، وما أشبه هذه بفعل المبتدعة من المعتزلة حينما كانوا يسألون الأئمة عن "خلق كلام الله" ليثبت إيمانهم عندهم.

وثمة كلام طيب للإمام ابن فورك حول هذا الحديث في (مشكل الحديث وبيانه) (ص159)، والعلامة ابن خلدون (1/605)، والكلام في حديث الجارية طويل الذيل، لا يناسبه حجم هذه الرسالة، فانظره هناك.

6) وحيث كان من أولئك الذين يجرون النصوص على الحقائق المتبادرة دون أدنى احتراس، أو دون أي اعتبار لقضية التجسيم والتشبيه، رأيناه في موقف آخر يقرر ما يلي فيقول: لا يمكن أن يخاطبنا الله بما لا نفهم، وهذا مسلم به في قضايا الأحكام، حيث لا نتمكن من إقامة شرع الله في واقع الحياة إلا بعد فهمنا لما يراد منا من أحكام. لكنه يقول: خاطبنا -سبحانه- أن له وجهاً، وأن له عيناً، وأن له يدين... وما أشبه ذلك ، يقول: ونحن لا نعقل -بمقتضى اللغة العربية- من هذه "الأشياء" إلا مثل ما تشاهد!! أرأيت هذا الفهم، إذ جعل ما ينسب إلى الله في حقيقته على مثل ما ينسب إلى المخلوق، ثم يقول: ..وعلى هذا فيجب أن يكون مدلول هذه الكلمات مماثلاً لمدلولها بالنسبة للمخلوقات!! أترى أننا افتأتنا عليهم حيث قلنا إنهم يعتقدون أن ما لله هو ما للمخلوق من صفات، وإنما الاختلاف في الكيفية! وأرجو أن أكون مخطئاً -واللهِ- في هذا الفهم، لأنه "طامّة" في حقهم.

أهناك غرابة أشد غرابة من هذا التقرير؟! يد ويد، عين وعين، وجه ووجه.. وهكذا، لكن هذا كله بلا كيف. ونحن إنما قلنا بذلك لأن لدينا دليلاً سقناه من كلامهم!

7) إنّ ما أتى به هؤلاء لا يمت للسلف بصلة، ولا يستند إلى فهم للغة الخطاب التي جاءت بها النصوص، ولا لمعطيات اللغة العربية التي نزل بها الكتاب، بل هي تفسيرات منطلقة مما ملأ النفس من تكييفات، فأخذوا يطوّعون كل النصوص لما يرونه، وإن فوجئوا بنص يصدهم عن السبيل الذي يسيرون فيه وقفوا منه موقف المطوّع له حتى ينسجم مع ما تبنوه، فهم لم يسلكوا مع "المتشابه" مسلكاً واحداً! وإن تستروا بقولهم: «بلا تكييف»؛ لأن الشروح التي أتوا بها لا تخرج بمفرداتها وجملها عن هذا المعنى، وذاك التوجه.

ويفيد -هنا- أن نعرض بعض الكلمات التي يكثر ورودها في قضية التوحيد، منها:

- المتشابه : هو كل نص من كتاب، أو سنة، يوهم ظاهره مشابهة الله تعالى للمخلوقات، مثل قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 2/210] ، وقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه: «... ومن أتاني يمشي أتيته هرولة». والمتشابه -لغة- هو اسم لكل ما لا يهتدي إليه الإنسان، لما فيه من المشاركة في المماثلة والمشاكلة المؤدية إلى الالتباس[4]، وهو ما أشكل تفسيره بمشابهة غيره، إما من حيث اللفظ، أو من حيث المعنى، ويحتمل -كذلك- التصرف، ويحتاج سامعه إلى تأويله، وليس قطعيّ الدلالة على المعنى المراد[5]، وقال الرازي: «المتشابهات هي التي قامت الدلائل الكافية على امتناع ظواهرها».

- الموقف من المتشابه : المحكم بالنص هو "أم الكتاب"، وهو الذي أُنزل ليعمل به، ويرد إليه "المتشابه"، ولذا يؤمن بالمتشابه، ويحمل على المحكم، وينزه الله عن الظاهر المتبادر من المتشابه، ويفوض أمر معناه المراد منه إلى الله تعالى، وقد جاء عن السلف أنهم قالوا في المتشابه: «أمرّوها كما جاءت»، مما يدل على أنهم لم يقفوا على معناها المراد، ولم يروا أن يعملوا في عقولهم فهماً، كما هو شأن المحكم.

- المحكم: هو النص المقطوع به أنه -تعالى- مخالف للمخلوقات كلها، كقوله -تعالى-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 42/11] .

- تأويل المتشابه : التأويل، منه العامّ ومنه الخاص، فالعامّ هو مطلق تنزيه الله -تعالى- عن مشابهة الحوادث، وهذا لو أخذ به المجسمة والمشبهة لما وقعوا في شر التجسيم ولا التشبيه، ولصينت عقائدهم عن لوثة ذلك! والخاصّ: يعني صرف النص عن ظاهره المتبادر لإيهام المشابهة، بناء على النص المحكم: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ثم الإيمان بمعناه الذي استأثر الله بعلمه، بناء على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ}، وهذا يعني تفويض أمر معناه لله تعالى الذي أحاط بالمراد منه، ومما يستدل به على جواز ذلك، أنه قد صرف نصُّ الحديث القدسي «مرضت» (بإسناد الفعل إلى الضمير "التاء" الذي يعود على المتكلم، وهو الله تعالى) عن ظاهره، ثم حدد المعنى المراد من التعبير بقوله: «مرض عبدي»، فأسند الفعل الذي يستحيل في حق الله تعالى إلى العبد الذي يقبل معنى الفعل "مرض"، ولولا ما أوهم ظاهر العبارة الأولى «مرضت»، لما تعجب العبد المخاطب بها..

وعلى هذا يقدّم التنزيه بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} على الإثبات، وهذا يتطلب للدخول إلى رحاب الإثبات أن يكون عبر المحكم، ليكون ما نثبته لله تعالى نثبته على المعنى اللائق به، وهذا ما دلنا عليه التعبير القرآني الذي تقدم فيه النفي على الإثبات، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وبه يثبت صفتي السمع والبصر على المعنى الذي يليق بالله تعالى، لأنه -سبحانه- {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في ذاته، ولا في صفاته.

- التكييف : يتنافى مع التنزيه، لأنه ليس لله كيفية، إذ الكيفيات والكميات من صفات المخلوقات، والله تعالى لا يوصف بكيف. وعليه؛ لا يكون منزهاً لله من تخيل لله كيفية ما، أو من نسب له كيفية، ولو أعلن أنه عاجز عن إدراكها، وصرخ "بأنها ليس كمثلها شيء". وإدراك الكيفيات يقوم على الخيال، ولا مجال للخيال في قضية الإيمان بالله وصفاته.

لهذا جاء عن السلف نفي الكيفية، فقالوا وهم يقررون العقيدة في الصفات: بلا تكييف ولا تمثيل..

- التعطيل : هو نفي صفات الله تعالى بالمرة، واعتبار ذاته تعالى بلا صفات. والعجيب أن يختلط معنى التعطيل بحقيقة التأويل في بعض الأذهان، فيرون أن من أوّل المتشابه فقد عطل! والحقيقة أن التأويل ينفي التشبيه، ويفضي إلى إثبات ما لا ندركه من المعنى، وهل الصفات سوى معان تقوم بذات الموصوف، فتوجب لها حكماً؟ فكيف يقال لمن أثبت صفة لا يدري كنهها: أنت "معطل"؟ إن من اعتبر تأويل المتشابه تعطيلاً دفعه إلى ذلك أن صرف النص المتشابه عن ظاهره هو تعطيل عن الصفة التي يعتقدها المعتبر، وهذه الصفة لا تليق بالله تعالى، وإن جاء النص بظاهره يوهمها، وقد أغمض عن الإيمان بمعنى يليق بالله، فكيف يكون هذا تعطيلاً أو من التعطيل؟!

الصفحات