أنت هنا

قراءة كتاب الشعر في العصر الأموي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشعر في العصر الأموي

الشعر في العصر الأموي

كتاب " الشعر في العصر الأموي " ، تأليف د. غازي طليمات و أ.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
بين يدي الكتاب
 
لا ينفصلُ هذا الكتاب عمّا سَبَقه، ولن ينفصل عنه ما يلحقُه، فتاريخُ الأدب العربي، على النحو الذي تصوّرناه وصوَّرنا بعضَه - نهرٌ متدفّق الأمواه، متلاحق الأمواج، يُفضي بعضُه إلى بعض: من امرئ القيس إلى أحمد شوقي، ومن أكثم بن صيفيّ إلى مصطفى صادق الرافعيّ، ثم إلى من يشاءُ الله لهم أن ينظموا أو يترسَّلوا بلغة الضاد. وأمَّا تقسيمُه إلى عصور أدبية توازي العصورَ السياسية، وتواكبُ حَيَواتِ الدول من ظهورها إلى دُثورها فضربٌ من التكلُّف، يُرادُ به تيسيرُ التناول على أيدي القراء لا الفصلُ، والاستراحةُ في مفارق الطرق ذواتِ الصُّوى لا العزل.
 
قد تقول: إذا كان ذلك كذلك ففيم الإفراطُ في التقسيم؟ وإذا ساغ فصلُ النثر عن الشعر فكيف يسوغ فصلُ الشعر عن الشعراء؟ أليس من لطيف التصنيف أن يصدر خامسُ الأجزاء وسادسُها في سفر واحد، وبين دفتين لا أربع، كما يُضَمُّ لِفْقُ الثوب إلى أخيه، ومصراعُ الباب إلى الذي يُحاذيه، فيُجعل شعر العصر الأموي وشعراؤه كتاباً واحداً لا كتابين، وبَشَراً سَوِياً تامَّ الخَلْق، لا توأمين خديجين؟ وكيف يسوغُ في العقل أن يُدْرَسَ الشعرُ في سِفْر، وقائلُ الشعر في آخر، وبين الشعر والشاعر من التضامِّ والتتامِّ، والتكامُلِ والتداخل ما بين الروح والجسد، والشجر والثمر؟
 
تبيَّن لنا بعد دراسة الشعر في عصر النبوة والخلافة الراشدة في جزء، ودراسة الشعراء في جزء، أنَّ الفصلَ خيرٌ من الوصل، وأَعْوَدُ على القارئ بالنفع، لأنه يُريه الإبداع من ناحيتين مختلفتين رؤيتين مؤتلفتين، فنسجنا الخامسَ على منوال الثاني، ولسوف ننسج، إن شاء الله، السادسَ على منوال الثالث لا تعصُّباً لبدعة ابتدعناها، بل حرصاً على نفع توخَّيْناه.
 
إن القارئَ الذي يُرْسل بصرَه في هذا الكتاب يَقِفُه بصرُه على أغراض الشعر الأمويّ مرسومةً في ألواح: لوح للغزل، ولوح للهجاء، ولوح للسياسة... وفي كلّ لوح خطوطٌ وظلال، وسماتٌ وشيات، وألوان وأهواء تنقل إليه ملامح الشعراء كافة.
 
يشاهد في لوح الغزل مجونَ الوليد بن يزيد وعبثَ عمر بن أبي ربيعة يخالطان خَفَر كثيّر وحياء جميل. ويرى في لوح الهجاء بحرَ جرير يتدفَّقُ على صخر الفرزدق، ويُبصر في لوح السياسة أَنَفَةَ الخوارج والتزامَهم يجاوران مَلَقَ المتزلّفين إلى الأمويين ونفاقهم، فيتمتَّع بالنقائض المؤتلفة، والنظائر المختلفة، وهن بناتُ عصر واحد.
 
فإذا قُدِّر لنا أن نُتِّم الجزء السادس - وهو الشعراءُ في العصر الأموي - فسوف نُزيرُ القارئَ مَعْرِضاً آخر من نمط آخر، نخصِّص فيه لكلّ شاعر حجرة، نعرِضُ فيها أغراضَه مرسومةً على ألواح، ممهورة بتوقيعه، فيحسُّ الزائر عندئذ أن شعر العصر الأموي مقسومٌ على الشعراء، لا على الأفكار، وَوَفْقَ الخصائص الفكرية والفنية التي يتفرَّدُ بها كلُّ شاعر، لا وَفْقَ العوامل السياسية والاجتماعية التي أنجبت أفكار الشعراء، ورسمت سمات الشعر في كل غرض.
 
أمَّا هذا الكتابُ الذي بين يديك ففصولُه موزَّعة على بابين:

الصفحات