كتاب " ضيوف ثقال الظل " ، تأليف جعفر العقيلي ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب ضيوف ثقال الظل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ضيوف ثقال الظل
ستكونُ مذبحةً بلا شَكّ. سَتتِمُّ مراسمُ الدَّفنِ من دون صَخب، من دون موسيقى، أو إطلاق إحدى وعشرين طلقة من المدفعيّة.
لم يَعُدْ هناك متّسعٌ للتّراجُع. حسمتُ أمري، وعقدتُ العزمَ على ألاّ أندمَ أو أشعُرَ بأسفٍ أو تأنيبِ ضمير، وقضيتُ على صوتٍ تململَ في داخلي يطالِبُني بالوفاء، ويذكِّرُني بأنّني إنّما أقتلُ أصدقائي.
أغمضتُ عينَيّ، وألقَيتُ الدفاترَ في النّار بلا رأفةٍ، بعد أن تماسكتُ جيّداً كيلا ترتجف أصابعي النّاحلة. فَعلتُ ذلك تماماً، كما كان سيفعلُهُ «روبوت» لو أُمِرَ بذلك، وإذْ بدخانٍ كثيفٍ شبيهٍ بالذي رأيتُهُ يخرج من مصباح علاء الدين في أحدِ أفلام الرسوم المتحرّكة ينبعثُ في فضاء الغرفة مُكَوِّناً شكلاً ضبابيّاً، ثمّ يواصلُ امتدادَهُ عبر الباب إلى أرجاء البيت.
تراجعتُ إلى الوراء لأتَبَيَّنَ ملامحَهُ التي بدأتْ بالاتّضاح شيئاً فشيئاً، فشاهدتُ بأُمّ عيني أشخاصاً أعرفُهُم، وآخرين لا أعرفُهُم، وأولئك الذين لا أذكر أين ومتى وكيف التقَيْتُهم. شاهدتُهُم جميعاً يتناسلون من الدّخان ويحيطون بي، يحاصرونَني بأجسادهم الأثيرية من دون رحمةٍ بي أو شفقةٍ علَيّ.
في ما أذكرُ، اضْيَقَّ المكانُ وأنا أحاولُ اختراقَ الجدار الذي اصطَدَمَ به ظهري، هرباً من ضرباتٍ موجعة فوق كلّ شبرٍ من جسدي، بينما قهقهاتٌ شامتة، تعلو..
وتعلو..
وتـ..
ـعـ..
ـلـ..
ــو.