قراءة كتاب شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

كتاب " شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي " ، تأليف ياسر ثابت ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر) .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 2

وفي مدنٍ عربيّة دخلتْ نفق التخلّي، وقرى وبلدات ذاقت طعم التجاهل والنسيان، نجد أجيالًا بأكملها نُحرت قبل أن تنتحر، وشعوبًا أُهملت قبل أن تنحدر إلى قاعها الدّامي، وأفقرت إلى حدّ الاغتيال.

ونحن ننسى أنّه لا يعود البشر بشرًا، عندما يفقد الإنسان كرامته ويغيب إحساسه ويقتل تفكيره، وحين يصبح يدًا ممدودة لطلب المساعدة.

ومع ذلك، فإنّه ممّا يسترعي الانتباه هو أنّ المجتمع المصريّ بشكل خاصّ، ومعظم شعوب المنطقة العربيّة بشكلٍ عامّ، تتهرّب من مواجهة مرآة الواقع وتتحايل على نفسها، بالتكتُّم على الحقيقة حينـًا والتهرب من تسمية الانتحار بوصفه سببـًا للوفاة في أحيان أخرى، لأسبابٍ اجتماعيّةٍ وأخلاقيّةٍ وقانونيّة. ولذا نجد من يُلبس الانتحار ثوبَ الغموض، لتجنب نظرة المجتمع أو الأحكام الدينيّة الواضحة التي تُحرم الانتحار، فضلاً عن القوانين التي تجرّم هذا الفعل. إذ يُنظر إلى الانتحار في الوعي الجمعيّ بوصفه سلوكـًا مشينـًا. ويزيد من صعوبة الموقف، شبهاتٌ هنا وهناك بحدوث تلاعبٍ في الأرقام من قِبَل بعض الهيئات والجهات الرسميّة والأمنيّة في بلادنا العربيّة، لإخفاء الحقائق وتجميلها.

إنّ إزهاق الروح، وهي أمانة الله ـ عزّ وجلّ ـ التي اؤتُمن عليها بنو البشر، خطبٌ جلل، يستدعي البحث والرصد والتأمُّل والتحليل، حتّى نتصدّى للظاهرة ونحول بين المرء ونفسه إن أراد بها سوءًا أو فكّر في التخلّص من نفسه بنفسه.

وينبغي ألا ننسى أنّ الحياة هبةٌ ينبغي الاحتفاظ بها حتّى يطلبها واهبُها، وبالتالي فإنّ من واجب الفرد والمجتمع والدولة التكاتُفَ لإعانة المرء على تجاوز المشكلات والتغلّب على الأزمات، وتقوية مناعته في مواجهة أيّ دوافع أو ميول انتحاريّة.

وبعدُ، هذا كتابٌ ينظر في أمر ظاهرةٍ مقلقة، تستحق منّا ما هو أكثر من الشعور بالأسى وما هو أعمق من الإحساس بالأسف؛ لأنّ مَن يُقدِمون على الانتحار ليسوا سوى إخوة وأحبّة وأهل؛ ولأنّنا لا نريد أوطانـًا مصنوعة من خدر، ومن مسؤولين يتشبثون في كراسي مثبتة بأوتادٍ فولاذيّة، مغروسةٍ في أعناق الفقراء.

ليكن كتابُنا، إذن، نداءَ استغاثةٍ، وجرس إنذار، ودعوة للتفكر والنقاش الجادّ والموضوعيّ، حتّى ننقذ أرواحهم.. أو أرواحنا. وإذا نجح هذا الكتاب في أن يكون سببًا لإنقاذ روح بشريّة واحدة، فسيكون قد أحيا الناس جميعًا.

جميعًا!

ما أجملها من كلمة!، قد تكون درعـًا واقية لحماية الفرد.. بغض النظر عن اسمه وهُويّته وجنسه. فالفرد هو، ببساطة، نواة الجماعة؛ ولذا كانت هذه الوقفة الجادّة مع قضية تؤرّق كثيرين وتمُسُّ المصريين والعرب بشكل عامّ في عالمنا اليوم.

ياسر ثابت

أبوظبي 6 أغسطس 2012

email: [email protected]

الصفحات