قراءة كتاب شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي

كتاب " شهقة اليائسين - الانتحار في العالم العربي " ، تأليف ياسر ثابت ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع (مصر) .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 8

ويقول سترنز (1921) Sterns إنّه وجد بين 167 حالة انتحار في ولاية ماساشوستس، بينها 52.7% لمصابين باضطراب عقليّ على نحو ما، وأنّ 38.9% آخرين كانوا ذهانيّين فعلًا(30). وتتبعت سوزان سيرا 430 حالة انتحار في باريس 1925/1926، فوجدت أنّ حَوالَي 36% منهم كانوا مصابين بمرض عقليّ بصورةٍ ما، وأنّ حَوالَي 30% آخرين كانوا مصابين بجنون إدمان الكحوليّات(31).

إنّ الأمراض النفسيّة والعقليّة أحد أبرز العوامل المُسبّبة للانتحار. وينضوي تحت لواء تلك العوامل المرضُ النفسيُّ الناشئ عن خَلل عضويّ في الدماغ، وينشأ غالبـًا منذ الولادة، مثل الشلل الجنونيّ العام، والتخلّف العقليّ، والصرع.. ومنها الاضطرابات النفسيّة والعقليّة وهي تنشأ عن خلل وظيفي، وتشمل:

أولاً: الاضطرابات النفسيّة، والتي تظهر غالبـًا عبر سنوات العمر نتيجة التعرض لصدمات ومشكلات ومنها: القلق، وتوهُّم المرض، والهستيريا، والخواف (الفوبيا)، والوسواس القهريّ، والاكتئاب.

ثانيًا: الاضطرابات العقليّة (الذهنيّة) وقد تكون وراثيّةً ومنها: الفصام، وذُهان الهوس الاكتئابيّ. وتلعب الأمراض النفسيّة والاضطرابات النفسيّة والعقليّة دورًا مهمًّـا في الكثير من حالات الانتحار لدى المراهقين والراشدين، تقريبـًا 40% من حالات الانتحار المُسجَّلة(32).

من العوامل الأخرى المُسبِّبة للانتحار اضطرابُ الشخصيّة، وهو ليس مرضـًا نفسيًّا أو عضويـًّا، وإنّما سمات مُتطرِّفة تجعل تلك الشخصياتِ مُختلفةً عن بقيّة الناس. وهم لا يشعرون بأنّهم يعانون من اضطراب، ولهذا يعاني مَن يعيشون معهم، ويعانون هم أيضـًا من أنفسِهم وتصرفاتهم، وهم لا يستجيبون للعلاج بشكل جيّد؛ لأنّهم لا يقتنعون بحاجتهم إليها، ومنهم: الشخصيّة الهستيريّة، والشخصيّة غير الناضجة انفعاليـًّا، والشخصيّة العاجزة، والشخصيّة الانطوائيّة، والمُدمنون على الكحول أو المخدرات.. وكلّ هؤلاء يفكّرون في الانتحار.

وتشير إحصاءاتٌ في المجتمع المصريّ، مثلًا، إلى أنّ المُدمنين على الكحول والمخدّرات تصل نسبة انتحارهم إلى 15%، وأنّ المصريين ينفقون على المخدرات 100 مليار جنيه مصريّ في السنة(33).

نضيف إلى أسباب الانتحار المشكلاتِ الأُسريّةَ واحترام الذّات، إذ إنّ الصراعات الأُسريّة المتكرّرة أو الشديدة بين أفراد الأسرة وخصوصًا الوالدين، وكذلك عيش الطفل أو المراهق مع زوجة أَبٍ قاسية أو زوج أمّ قاسٍ، أو تعرُّض الطفل للضرب والإيذاء أو الحرمان العاطفيّ بشكل متكرّر، أو الإهمال للطفل وحاجته النفسيّة والجسديّة، أو تعرّض المراهق للنقد المستمرّ أو الاستهزاء وعدم احترام ذاته ومشاعره، وتعليم الوالدين المُتدنّي، وحالات الاغتصاب للنساء. قد تؤدّي جميعها إلى الوصول إلى حالة اكتئابٍ شديدةٍ ومن ثمَّ، التفكير في الانتحار والتخلّص من الحياة(34).

وتشير دراسة كنديّة حديثة أجراها باحثون من جامعة تورونتو إلى أنّ إساءة معاملة الأطفال والعنف الجسديّ الذي يتعرّض له الأطفال قد ينعكس على مستقبلهم بشكل كارثيّ، إذ تسيطر الأفكار الانتحاريّة على عقولهم بعد البلوغ بشكل أكبر بكثير مقارنة بأولئك الذين لم يسبق أن تعرضوا للإساءة.

وأوضحت الدّراسة، التي نُشرت في مجلة «سويسايد آند لايف»، أنّ ثلث البالغين الذين تعرّضوا لسوء المعاملة في صغرهم لدرجة تصل حدّ الإيذاء الجسديّ، فكّروا بجديّة في إنهاء حياتهم بأنفسهم مرّة واحدة على الأقل(35).

وتبقى من أهم أسباب الانتحار المشكلاتُ الاقتصاديّة كالفقر، والبطالة وعدم الحصول على المهن اللازمة على الرّغم من الشهادات والمؤهّلات، أو فقدان المهنة أو المنزل.

وعندما نقول إنّ «البطالة هي الرعب»، فنحن نستلهم قول سارتر: «إنّ الحريّة هي الرعب». فقد بيّنت الدراسات حول الراشدين في هونغ كونغ مثلًا أنّ 55% من حالات الانتحار يقوم بها عاطلون عن العمل. وأعربت منظمة الصّحة العالميّة عن خشيتها من أن تؤدّي الأزمة الاقتصاديّة العالميّة إلى ارتفاع حالات الانتحار خاصةً بعد إقدام بعض رجال الأعمال على الانتحار.

الصفحات