مثلت نهاية القرن العشرين تحديا كبيرا للقرن الواحد والعشرين الجديد الذي تسلم منه راية التقدم البشري، ولكن هل استفاد العرب من هذا التقدم؟
أنت هنا
قراءة كتاب العولمة والمستقبل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
فالعولمة المتداولة تعني: وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتداول، والتوزيع والتسويق، والتجارة والتمويل، إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج ذاتها.
وبعبارة ثانية: إن ظاهرة العولمة المتداولة هي بداية عولمة الإنتاج، والرأسمال الإنتاجي، وقوى الإنتاج الرأسمالية، وأخيراً علاقات الإنتاج الرأسمالية أيضاً، وترويجها في كل مكان مناسب خارج مجتمعات المركز الأصلي ودوله.
فالعولمة بهذا المعنى هي: رسملة العالم على مستوى الصميم بعد أن تمّت رسملته على مستوى سطح النمط ومظاهره.
ويكون الناتج من هذه التعاريف كلها: أن العولمة حسب قول البعض هي: حرية أصحاب رؤوس الأموال، لجمع المزيد من المال في سياسة اقتصادية قديمة، كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلى تحقيق الربح، وانقلابه اليوم إلى الاعتماد على تشغيل المال فقط دون خسائر من أي نوع، للوصول إلى احتكار الربح.
إن هذا المعنى يتلخص في عودة الهيمنة الغربية من جديد، لكن محمّلة على أجنحة المعلوماتية والعالم المفتوح، ومدجّجة بالعلم والثقافة حتى وإن كانت غير إنسانية، وبذلك تقلب القاعدة القديمة القائلة: إنّ القوي يأكل الضعيف، إلى قاعدة جديدة عصرية عولمية تقول: السريع يأكل البطيء، علماً بأن القاعدة الجديدة، لا تختلف عن القاعدة القديمة، من حيث النتيجة، بل تكون هذه الجديدة أشدّ بأساً وأعظم ظلماً من تلك القديمة، لأن أصحاب السرعة يعملون على تثبيط حركة الآخرين بكل وسعهم وجميع إمكانياتهم.
إن منطق التطور الرأسمالي يقضي بالتوسع المستمر خارج الحدود، إذ قد انتقلت الرأسمالية من حدود الدولة القومية والاقتصاد القومي، في عملية زحف استعماري سريع، وفرض هيمنة واسعة حتى شملت عالم ما وراء البحار ومعظم مناطق جنوب الأرض لتطال المواد الخام واليد العاملة الرخيصة والأسواق.
وهكذا خرج النظام الرأسمالي العالمي من واجهة المزاحمة أو المنافسة الحرة، إلى واجهة الاحتكار وواجهة الهيمنة والاستعمار مع أن الاحتكار والاستعمار من أبغض الصفات التي يمكن أن يتصف بها ظالم وغاشم.