كتاب " تقرير إلى غريكو " ، تأليف نيكوس كازنتزاكيس ، وترجمة
أنت هنا
قراءة كتاب تقرير إلى غريكو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- سننهيه. لا تقلق.
- إنني أخطط لتغييره. أتناولينني ورقة وقلماً؟ دعينا نر إن كنت أستطيع التدبر.
إلا أن عملنا المشترك لم يكن يستغرق أكثر من خمس دقائق.
"مستحيل! لا أعرف كيف أملي، لا أستطيع أن أفكر إلا والقلم في يدي". الأسلاف، الأبوان،سنوات الطفولة. أثينا، كريت، الرحلات.. سيكيانوس، فيينا، برلين، بريفيلاكيس، موسكو..
أتذكر الآن لحظة دقيقة أخرى من حياتنا، في مستشفى أخرى. وهذه المرة في باريس. كان نيكوس مريضا ودرجة حرارته 104، والأطباء مضطربون. لقد فقد الجميع أملهم. نيكوس، وحده، ظل متماسكاً.
"أتعطينني قلماً يا لينوتسكا؟"
وبصوت متهدج، وهو غائب في رؤياه، أملى علي، الكلمات التي ينطق بها القديس الفرنسيسكاني: "قلت لشجرة اللوز: حدثيني عن الله يا أخت، فأزهرت شجرة اللوز".
وقبل أن نرحل إلى الصين ترك "تقرير إلى غريكو" بين يدي رسام شاب هو "قابِلَتُه" - كما كان يسميه - لأنه كان يأتي من الفجر، ويصعد إلى مكتبة نيكوس مشوشاً بمشكلات عظيمة- عن الله والناس والفن - ويبدأ أسئلته اللامتناهية عن "متى"، و"فيما إذا"، و"كيف"، بينما نيكوس "مستسلم"، وهو يضحك معجباً بحرارة الشاب وحبه الجارف لفنه. كان يلقي بأفكاره ويريح نفسه.قال له نيكوس: "قد يحترق البيت. ولذا سأترك المخطوطة معك. فلو أنها احترقت وهي في هذه المرحلة فإنني لن أستطيع إعادة كتابتها أبداً. إن خجلي كبير لأنني لم أنهها".
ولكن كيف كان من الممكن أن ينهيها؟ وما الذي تركه غير منجز في تلك الأشهر القليلة السابقة للرحلة؟
لقد بدأ "التقرير" في خريف 1956 إبان عودتنا من فيينا. وحين كان يحتاج لتغيير الجو، كان يتناول"الأوديسة" لهوميروس، التي كان يعمل بها بالتعاون مع البروفسور كاكريديس.
"علينا أن ننهيها في الوقت المناسب، بحيث لا أنزل إلى هيدس(1) برجل عرجاء". هذه العبارة التي اعتاد ترديدها بشيء من السخرية، وشيء من الخوف. وخلال تلك الأشهر ذاتها واظبت مقاطع من ترجمته الإنجليزية للأوديسة على الوصول في فترات متعددة، مصحوبة بصفحات كاملة من الكلمات العصية على الترجمة. كم من الوقت، وكم من الجهد استهلكت الأوديسة من جديد. هذا بغض النظر عن الطبعات المتعددة لأعماله الأخرى اليونانية. كانت هناك نصوص يجب أن تصحح أو يضاف لها، و"روسيا"، المخطوط الذي ضاع، وبيير سيبريو في الإذاعة الفرنسية الذي أنهكه بأحاديثه، والفيلم، ورحلة إلى الهند بدعوة من نهرو. تهيأنا لها ولكننا لم نقم بها، لأننا خفنا من اللقاحات التي تتطلبها.
لا. إنه لم يبتغ إنهاء "التقرير إلى غريكو" في الوقت المحدد. إذ لم يكن قادراً على كتابة مسودة ثانية، كما كانت عادته. كان يبتغي أن يعيد كتابة الفصل الأول بكامله وأحد المقاطع الختامية "حين أثمرت بذرة الاوديسة في داخلي"، الذي أرسله قبل وفاته لكي ينشر في دورية "نياأستيا Neaestia". بالإضافة إلى ذلك كان يبتغي إنهاء قراءة مخطوطته وإجراء تنقيحات أو إضافات بالقلم هنا وهناك•