لم تمض سنة على صدورالطبعة الأولى من كتابي :اسئلة الحداثة في المسرح" حيث نفذ من التداول، وهو الكتب الذي لقي اقبالا جيداوكتبت عنه عدة مقالات، بعذ أن أضيف إليه مجموعة من المقالات التي كتبتها خلال العام الماضي، وبالفعل فالكتاب بحلته الجديدة يحتوي على احدى عشرة
قراءة كتاب أسئلة الحداثة في المسرح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
111
ربما يكون الوقت الآن متأخراً للحديث عن وجود سؤال فلسفي للمسرح العربي.لقد طرح المسرح في أوربا هذه الأسئلة وأجاب عنها، وعمق إحساسنا بأنه جزء من بينة اجتماعية أوسع من خشبة المسرح. في حين لم نجرؤ بعد ا في المجتمعات العربية على طرح مثل هذه الأسئلة. إن على المسرح العربي في القرن الحادي والعشرين، وهو يبني تصوراته على خشبة الواقع اليومية أن يعيد تشكيل وعينا بالمصائر لإنسانية الكبيرة: الوجود، العدم، الإنسان،الحضارة،الدين،العلم،الجغرافيا،التصنيع،الأستعمار،السياسة،القانون،السلطة،الأسواق الإنتاج ،المستهلك...الخ.وهي: مصائر ليس من السهولة تجنبها لمجرد أننا لم نستطع الوصول إليها. وليس من السهولة الخوض فيها دون وجود آليات معرفية أخرى. إن المسرح، ونتيجة لطبيعة امكاناته في التوصيل وتعدد لغاته الفنية، يضعنا في وسط هذه الدائرة الكبيرة، ويحثنا على الاهتمام بها، ليس من أجل ان يطهرنا من أتعابنا وآثامنا، بل من أجل أن نشارك نحن كعرب في صياغة الأسئلة المصيرية التي تدور حولنا.
يبقى حديثنا عن هذه الضرروة في مجتمعاتنا العربية أكثر جدوى من المجتمعات الغربية، لأننا ما نزال في بداية تفهمنا للحداثة، بينما تنتقل المجتمعات الغربية إلى مرحلة ما بعد الحداثة.. إن نظرة بسيطة لبداية التحديث في مجتمعاتنا العربية جاءت نتيجة ما احدثته غزوة نابليون لمصر،وفتح طرق التجارة العالمية عبر قناة السويس إلى الشرق، فكانت مصرولبنان وسوريا والعراق على وجه التحديد،هي البلدان الأكثر تاثرا بحضارة الغرب، وبالمعنى الأشمل، كانت بداية النهضة كانت اقتصادية /سياسية، ثم تعمقت بوجود شخصيات لعبت أدواراً فاعلة،مثل جمال الدين الأفغاني الذي لم يكن معاديا للعثمانيين فحسب، وإنما صورهم على أنهم معطلين للنهضة الفكرية في المنطقة. من هنا جاء ميله للفرنسيين والانجليز كجزء من تحسسه أن النهضة لا تقوم إلا بأطر علمية حديثة، ميدانها الإقتصاد /التجارة وعمادها الإنسان /الثقافة وحقيقتها بناء منظومة قانونية /سياسية حديثة. وبالرغم من أن هذه النهضة جوبهت بمعارضة قوية من قبل العثمانيين والتيارات الإسلامية المتشددة،لكن الوضع الداخلي لتركيبة الفئات المتنورة فرض حقيقته على مسار المجتمعات العربية لاحقا.