كتاب " الكل رابح " ، تأليف غازي تشابمان ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ
أنت هنا
قراءة كتاب الكل رابح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حين ذكرتُ الخلاف حول لون طلاء الحمَّام، استعدْتُ في ذهني قصَّة زوجَين قدَّمتُ إليهما المشورة منذ سنواتٍ عدَّة. كان قد مضى على زواج جيري وآيريس عامان، وكانا يَرَيان أنَّهما في ربيع علاقتهما الزوجيَّة؛ وهكذا كانَتِ الحال إلى أن قرَّرا إعادة طلاء شقَّتهما الصغيرة. اتَّفقا حينها بسرعةٍ وسهولة على لون كلِّ غرفةٍ من غرف الشقَّة، إلى أن وصلا إلى الحمَّام. فقد أراد هو اللون الأزرق، بينما أرادَتْ هي اللون الأخضر. وقد فاجأهما أن يجدا نفسَيهما وهما يتجادلان بانفعالٍ حول أمرٍ أدرك كِلاهما أنَّه كان في النهاية تافهًا فعلًا.
ورغم ذلك، تشبَّث كلٌّ منهما بقوَّةٍ برأيه، حتى اتَّفقا بعد بضع جولاتٍ من الجدل على طلب المشورة.
قالت آيريس ‘‘إنَّنا في الواقع نشعر بالخجل من وجودنا هنا. ومع أنَّ الأمر أشبه بمسألةٍ تافهة، فإنَّه أصبح سببًا كبيرًا للشقاق في زواجنا. ونحن لا نريد أن ينتهيَ الأمر بنا إلى المشاجرة حول لون طلاء الحمَّام’’.
قال جيري وهو يرفع كتفه باعتذار: ‘‘إنِّي واثقٌ بأنَّك لم تستقبل أبدًا زوجَين جاءا لمقابلتك بخصوص اللَّون الذي يجب أن يطليا به الحمَّام’’.
ابتسمتُ وقلت له: ‘‘حسنًا، فَلْنطرَحِ المسألةَ على طاولة البحث ونناقشها’’. التفتُّ نحو آيريس وقلت لها: ‘‘إنِّي متأكِّدٌ بأنَّك قد شرحتِ لجيري جميع الأسباب التي دَعَتْكِ إلى اختيار اللَّون الأخضر لطلاء الحمَّام. إذًا، لماذا لا تُطلعيني أنا أيضًا على هذه الأسباب؟’’ قرأَتْ آيريس قائمتها ورحتُ أسجِّل الملاحظات. وعندما انتهتْ قلتُ لها: ‘‘إنَّ أسبابكِ منطقيَّة جدًّا. يمكنني أن أفهم السبب الذي يدعوكِ إلى الشعور على هذا النحو’’. فبدا عليها الارتياح.
وبعد ذلك التفتُّ إلى جيري وقلت: ‘‘إنِّي واثقٌ بأنَّ لديك أسبابًا وجيهةً تدعوكَ إلى اختيار اللَّون الأزرق للحمَّام. إذًا، لماذا لا تُطلعني على تلك الأسباب؟’’ وعندما أطلَعَني جيري على أسبابه، كرَّرتُ ردِّي أيضًا: ‘‘إنَّ ما تقوله منطقيٌّ جدًّا. يمكنني أن أفهم سبب رغبتكَ في أن يكون حمَّامكَ أزرق اللون’’. بدا الارتياح على جيري لاتِّفاقي معه في الرأي، ولكنَّ الحَيْرة بدَتْ على وجه آيريس. قالت: ‘‘ولكنَّك اتَّفقتَ في الرأي معنا كلَينا، وذلك لا يحلُّ خلافنا’’.
أجبتها قائلًا: ‘‘أنتِ على حقّ، ولكنِّي لا أعتقد أنَّ أحدًا منكما يبحث في الواقع عن حلّ. أنتما ما تزالان في مرحلة الجدال ولم تنتقلا بعد إلى مرحلة الحلّ’’.
قالت آيريس: ‘‘ما الذي تعنيه بهذا؟’’
فقلت متسائلًا: ‘‘ما الذي شعرتِ به حين أقرَرْتُ بصحَّة أسبابكِ التي تدعم طلاء الحمَّام باللَّون الأخضر؟’’
فقالت: ‘‘لقد شعرتُ بأنَّك كنتَ تحترم أفكاري’’.