أنت هنا
نظرة عامة
كتاب " مدار الكتابة " ، تأليف محمد بن ابراهيم الدبيسي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
مدار الكتابة..
ماالمشتركُ الذي يجمعُ بين دراساتٍ ومقارباتٍ حول الشعر، والسَّيرة الذاتية، والرِّحلة، والتعليم، والموسيقى، والأحواش، والتاريخ؟
وبحجم المسافة بين هذه الموضوعات والفنون؛ كان ثمَّة مشتركٌ يمثِّل المدار الذي تشكَّلت في فلكه وفضاءاته هذه الدراسات والمقاربات، وهو: المدينة المنورة.
فمن تجليِّات كونها مكاناً مؤثراً في تجربة شعراء من حقبٍ مختلفة. وظروف ومشاهد ثقافية واجتماعية متنوعة، عبَّرت نصوصهم من خلالها عن مظاهر المكان وتجليِّاته في الشعر، وفق تصوُّرات متعددة، ورؤى ومؤثرات شتى..
إلى كونها-المدينة المنورة- مشهداً حفيًّا بالسِّيرة، والرّحلة. تشكَّلت الأولى في باحاتها وعرصاتها ومعاهدها، فأرَّخت للإنسان والمكان، وسجَّلت مباهجهما وأحزانهما، ومراحلهما وتحولاتهما.
كما كانت غايةً ومقصداً للثانية، أناخت ركابها عند عتباتها وبطاحها، واستمدَّت منها أُفق الاكتشاف وتشكُّلاته، وسوانح التأمُّل وموضوعاته، ورصدت تجليِّات ثقافة المجتمع المدني وسماتها.
إلى مكوِّن معرفي مهم ومؤسَّسة تعليمية رائدة هي: مدرسةُ العلوم الشرعية. التي اختلفت ظروف تأسيسها وسيرة مؤسِّسها، وأهميتها في سياق حركة التربية والتعليم، إلى مقاصد نبيلة ونتائج عظمى، فكانت هذه المدرسةُ واحدةً من أبرز بُنى المعرفة والتنوير في المدينة الطاهرة.
إلى ظاهرة الغناء والموسيقى. التي كانت المدينة المنورة محضناً لها، وتعود جذورها الأولى إلى عهود تاريخية قديمة، استدامت منابعها ثرَّة ريَّانة تنضح بتقاسيم الكلام وإيقاعاته، وتوقيعات النغم، ومستويات الصوت ومقاماته وألوانه، وتعدد مظاهره الأدائية. وظروف ومراحل تطور وتحولات تلك الظاهرة.
إلى الظاهرة المكانية العمرانية: الأحواش. ومظاهرها الهندسية، وأبعادها الاجتماعية والثقافية، وإفرازاتها القيمية.
إلى شاعر مختلف. انبثقت تجربته من ثراها الطاهر، وشكَّل علامةً مهمةً في مسيرتها الشعرية، ميَّزته عن أسلافه ومجايليه.
إلى تاريخها في مؤلَّف مهم. تعكس ظروف تأليفه ومضامينه، مدى ما غرسه ذلك المدار في بنيه من أثر، وما أسَّسه من قيم في نفوس سكَّانه ومحبيه.
ولا تنتهي الغايةُ من (إلى) ومتوالياتها، ولا تبلغ منتهاها- في تحقيق جدارة المدينة المنورة، بأن تكون مداراً للكتابة- حتى تعود إليها، لتبدأ منها في تأسيس قيمة الانتماء للمكان، وتعزيز طاقات النص في نقل تلك القيمة من أفق التصوُّر..إلى فضاء التشكُّل والتكوين.
مشاركات المستخدمين