أنت هنا

$7.99
نزار قباني حياته وشعره

نزار قباني حياته وشعره

5
Average: 5 (1 vote)

تاريخ النشر:

2009
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كان الشعر وما زال واحداً من أسس حياتنا الفكرية، وكان للعرب إسهام عظيم في هذا المجال، فقد أنجبت الأمة العربية أعداداً ضخمة من الشعراء الذين كانوا يحظون بتقدير بالغ في مجتمعاتهم لأن الشاعر هو إذاعة لقبيلته كما كان سابقاً لذلك كانت القبائل تبتهج كثيراً عندما ينبغ فيها شاعر لأنه سيفها الصقيل الذي يدافع عن مفاخر قبيلته وشرفها، ويتعرض لأعدائها بالهجوم اللاذع والبيان الناصع والشعر البارع فالكلمة المقاتلة تسير جنباً إلى جنب مع سيوف المحاربين والمجاهدين ولذلك عظمت منزلة الشعراء ولقوا من الإكرام والكرامة ما يلقاه القائد الفذ الذي يحرز الانتصارات الباهرة في المعارك والحروب الحاسمة.
وفي سواد ليل أمتنا البهيم طلع علينا شاعر كنا في أمس الحاجة إليه لأنه لم يكن شاعراً عادياً مهادناً مسالماً بل كان شاعر التمرد والثورة والإباء فخاض غمارين لم يكن من السهولة الخوض فيهما هما تحرير المرأة وتحرير الرجل ليصل بالتالي إلى تحرير الأمة من الخوف والتخلف والخنوع، فوجه سهام نقده إلى العادات العفنة والسطوة الجائرة والقبضة الحديدية للمجتمع على المرأة إذ كانت ذليلة خانعة مستسلمة ترضى بكل ما يقع عليها من قهر وذل واستلاب لكرامتها وإنسانيتها، ثم رأى الأمة تسام سوم العبيد من الجلادين المتسلطين على رقابها، وتعاني من الضعف والفرقة والتصدع مما جعلها مهزومة أمام أعدائها، ذليلة أمام جلاديها الذين يسومون أبناءها سوء العذاب، وجاءت نكسة حزيران عام 1967 لتفجر غضب نزار قباني فانبرى بقلمه كالبركان الهادر يلهب الهمم ويثير النخوة وينهض بالمرأة ويتصدى للمتسلطين على مقدرات الأمة وأبنائها فكان شعره أشبه بالنار في الهشيم. ولمع صيته كالبرق الساطع وانتشرت مؤلفاته من المحيط إلى الخليج يتلقاها الشباب والشابات وكأنها الوصفة الطبية السحرية لاقتلاع اليأس من القلوب وبث الأمل في النفوس لصنع جيل النهوض القادر على تجاوز الهزائم ومحو عار الأمة فوفق غاية التوفيق.
وإن هذه الأشعار التي هي بين يديك أخي القارئ تعبر عن رأي الشاعر فلك في الأخذ برأيه أو تجاوز هذا الرأي، لأن الشاعر ليس نبياً معصوماً فكثيراً ما وقع شاعرنا العظيم في هفوات وسقطات خلقية ودينية وأدبية لأن الشاعر إذا أراد أن يجمع زمام الأمر كله فعليه بتهذيب لسانه وإجلال خالقه واحترام رموز الأمة وإعلام تاريخها المجيد إذ كثيراً ما رأيناه يحط من قدر قادتنا العظماء وفقهائنا الأجلاء وأعلام شموخ هذه الأمة وموضع فخرها وإجلالها، فإنه لو هذب لسانه ونقى ضميره وصفى خلقه لأبدع كل الإبداع ولكان معجزة من معجزات الشعر الباهرة ولكنه كبا وهفا واستزل الشيطان لسانه بل كثيراً ما رأيناه يعري المرأة ويدخلنا معها في أسرار فراشها، ويجعلنا نرى ما ستره الله من جسمها لا بل ويعاملها معاملة البغي بل ويشارك سبعة في الهجوم على امرأة كما يظهر في قصيدة المذبحة فهل هذا تحرير للمرأة أم إذلال لها واستعباد لذاتها رحم الله شاعرنا وغفر لنا وله والله المستعان.