هذه رسالة موجزة مجتزأة من رسالتي الموسومة (سورة طه:دراسة تحليلية)، وهي رسالة تقدمتُ بها لنيل شهادة (الماجستير) في جامعة بغداد.
You are here
قراءة كتاب إسرائيل دراسة تحليلية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
فلقد أراد الله لهم نعمة الاستقرار في جنات وعيون ومقام كريم، لكنهم بدَّلوا نعمة الله كفراً وقد أراد الله لهم أن يدخلوا الأرض المقدسة فأبوا وأعلنوا عن فساد طويتهم وسواد خبيئة نفوسهم: قالوا مقالة السوء التي جرت مضرب المثل في الجبن والانهزام في مواقف الشدة (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)(20).
كأنك تشم من هذا التخاذل رائحة التبرئ والانسلاخ من دين موسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) أليس بربهم كما هو رب موسى؟ وما أشبه الليلة بالبارحة فلقد قال فرعون من قبل لموسى (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)(21). فأنت تقرأ فرعون عن كفره كما يكشف عن كفر هؤلاء خطابهم لموسى . وإن سألت عن سبب رفضهم أمر الله ونبيهم موسى فإني أرى أن ذلك يرجع إلى جذور الوثنية التي تأصَّلَتْ في نفوسهم يقول عفيف عبد الفتاح طباره:
(إن الوثنية كانت متأصلة آثارها في قلوب بني إسرائيل بسبب ملازمتهم الطويلة للمصريين)(22).
لذلك كانوا لا يحسنون طاعة لله ولا رسوله، ولا يلتزمون الصدق في عهودهم ومواثيقهم. ولا غرابة في ذلك، فإن بني إسرائيل ذكروا أول ما ذكروا بعد قصة إبليس مع آدم، وفي بني إسرائيل ما في إبليس من المثالب الكثيرة فإبليس عُرِفَ بالحسد، وهم أشد الناس حسداً: حسدوا أخاهم وقالوا (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضًـا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِـنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)(23).
وإبليس رفع صوته بالعنصرية وقال (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(24) وهؤلاء يرفعون عقيدتهم بالعنصرية ويقولون: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)(25) وإبليس عمله الفساد والإفساد في الأرض، وهؤلاء يقول الله فيهم:
(الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَـلَ وَيُفْسِـدُونَ فِي
الأَرْضِ)(26).