كتاب "مبادئ الإدارة العامة"، للطالب وللدارس في جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية، وللممارس في منظماتنا وأجهزتنا الإدارية، عله يساعدهم على توصيل أهم المفاهيم والاتجاهات المتعلقة بحقل الإدارة بالصورة المناسبة، وبما يخدم الهدف في تنمية معارفهم ومهاراتهم الإدارية.
قراءة كتاب مبادئ الإدارة العامة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
مفهوم الإدارة
تميل معظم المؤلفات التي تحاول أن توضح مفهوم الإدارة إلى تقديم عدد من التعاريف المجردة والموجزة، التي توصل إليها الباحثون السابقون، وبخاصة الباحثين الغربيين، وسردها للدارسين، ثم الانتهاء منها إلى تعريف مجرد إضافي لا يكاد يختلف عن غيره سوى في بعض المفردات المترادفات .
يؤدي هذا التوجه إلى وضع الدارس أمام عملية تلقينية لا يمكنه خلالها أن يفهم هذه التعاريف التي تسرد إليه، وما هي الفروق بينها، ومتى يمكن استخدام كل منها، الأمر الذي يحول بينه وبين الإحاطة الشاملة بعناصر المفهوم، ويحول دون تمليكه ملكة بناء المفهوم المتكامل بالاعتماد على نفسه، أو تنمية القدرة على المحاورة الموضوعية لديه.
لذلك فإننا سننحو في هذا السياق منحاً آخر، نحاول خلاله أن نساعد المدرس والدارس على التعامل مع الموضوعات التفصيلية بوضوح ودقة، مما يؤدي في النهاية إلى تنمية قدراتهم ومعارفهم، وإنضاج شخصياتهم العلمية والإدارية.
ولنقترب من فهم واضح ومحدد وشامل (جامع مانع) للإدارة، نجد أنفسنا في حاجة إلى تقديم ومتابعة عدد من الأفكار الرئيسية التي يشكل كل منها عنصرا مهماً من عناصر بناء المفهوم العام للإدارة.
الفكرة الأولى:
إن الإدارة ظاهرة(1)، وهي بذلك ليست - كما يستشف من بعض التعاريف - مجرد عملية أو وسيلة أو أداة أو نشاط أو نظام ...... الخ.
فعند مطالعتنا لكثير من التعاريف التي يقدمها الباحثون عادة نجد أن بعضها يبدأ تعريف الإدارة بأنها تلك العملية، وبعضها يبدأ التعريف بالقول إنها تلك الوسيلة، أو تلك الأداة، وبعضها يبدأ بالقول أنها ذلك النشاط أو النظام ...الخ.
فهل هذه الكلمات تبدو مترادفات ؟؟؟
وإذا كان حسُّنا اللغوي لها يؤكد أنها ليست مترادفات، فكيف نستطيع أن نعرّف شيئاً واحداً (هو الإدارة) بمفردات ذات دلالات أو أوصاف متباينة ؟؟
إن إجابة هذا السؤال الأخير تقول بما يلي :
- إذا كان الباحثون يقصدون تقديم تعريفات شاملة لمفهوم الإدارة، فإننا نقول انهم بذلك يجانبون الصواب إلى حد ما، حيث لا نستطيع أن نعرف الإدارة تعريفاً شاملاً أو جامعاً فنصفها مرة بأنها عملية، ومرة أخرى بأنها أداة، أو نظام أو ...... الخ . أما إذا كان هدفهم هو تقديم تعاريف جزئية فتعرف الإدارة كعملية بأنها تلك العملية .....، وتعرف كنشاط بأنها ذلك النشاط ...... وتعرف كنظام بأنها ذلك النظام ...... الخ. فإننا نستطيع تقبل تعريفاتهم على هذا الأساس وحسب .
ولما كنا بصدد تعريف الإدارة تعريفاً شاملاً وليس جزئياً، فإننا نرى انه من الضروري أن لا نطلق خلال هذا التعريف أي أوصاف جزئية، لأنه لا يجوز أن نعرّف الكل بدلالة الجزء. ولابدّ من استعمال مصطلح له دلالة كلية، وبذلك فإننا نوصي باستعمال مصطلح ظاهرة، ليكون هو البديل الأمثل في هذا المجال، وأن هذه الظاهرة كغيرها من الظواهر تعبر عن نفسها في صورة وجود (كيان) وسلوك، فيبرز وجودها باعتبارها نظاماً أو نسقاً مرة، ومرة أخرى أداة أو وسيلة ...... الخ، كما يبرز سلوكها في صورة نشاط أو حركة أو عملية ...... الخ.
الفكرة الثانية :
إن الإدارة ظاهرة إنسانية عاقلة، ولا بد أن تعبر عن وجودها وحركتها بصورة عاقلة، وكلما ازدادت الحاجة إلى الإدارة ازدادت أهمية التفكير والإعداد العلمي العاقل.
وعندما نقول ظاهرة إنسانية، فان هذا يعني أنها توجد مع الإنسان وتنتهي بانتهائه، وبذلك نميزها عن الظواهر الطبيعية الأخرى التي توجد مع وجود الكون وتنتهي بانتهائه .
أما أنها ظاهرة عاقلة فهذا يعني أنها ترتبط بالإنسان العاقل، أي الذي يخضع سلوكياته لمنطق العقل،ومؤشر استخدامه للعقل أنه لا يتعامل في علاقاته العاقلة إلا بالاستناد إلى الوقائع أو الحقائق ويكون أسيراً لها .
أما إذا كان سلوكه خاضعاً للجوانب أو الشحنات الانفعالية أو المزاجية أو الغريزيه... فلا يكون سلوكاً إدارياً، ولا يكون الشخص المعني أثناء ذلك السلوك شخصاً إدارياً، حتى ولو كان يحتل فعلاً موقعاً إدارياً في أعلى المستويات كمدير عام أو مدير ……الخ .
وبمتابعة الواقع الحياتي في المنظمات المعاصرة، وفي جميع الأحوال، نجد أن الإدارة والسلوك الإداري يزدادان أهمية كلما ارتفعنا على السلم الإداري من المستويات الدنيا إلى المستويات العليا، أو كلما تعقدت الأعمال، وازدادت المسؤوليات المترتبة عليها. ولمزيد من الوضوح لهذه الفكرة دعنا نتابع معاً عدداً من الأمثلة التالية: