You are here

قراءة كتاب حكايتي مع رأس مقطوع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكايتي مع رأس مقطوع

حكايتي مع رأس مقطوع

(حكايتي مع رأس مقطوع) الرواية الخامسة للكاتب العراقي تحسين كرمياني، صدرت عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ببيروت، وهي تحمل عنواناً غاية في الغرابة؛ لا شك أنّ هذا العنوان الملفت للانتباه ربما يحتاج إلى تأويلات او أستقراءات معللة منطقياً كي تبرز نوع من ال

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
كنت كلما أمسك كتاباً أجدني أتنافر معه من السطور الأولى، على عكس أيامنا المنصرمة، حيث كنت أمسك الكتاب لست ساعات من غير توقف، وكانت ذاكرتي تلتهم الكلمات كنار تأكل الهشيم، وتنشد مع المواقف المثيرة التي ما زالت تتلبسني بحرارة لا توفرها كتب اليوم·
 
حاولت أن أتصالح مع موهبتي، قررت الجلوس إلى (الكومبيوتر) في انتظار الغيمة الذهنية للكلمات، تمر الدقائق والساعات قبل أن تنفر الكلمات من رأسي، تتناهبني موجات متواصلة من النعاس، تدحرجني إلى فراشي لأواجه صمت الغرفة وعتمتها، تأخذني الصفنات العميقة وتسرقني الساعات العقيمة، ويداهمني الفجر، من خلال أصوات المساجد وهي تعلن انبلاج الفجر عبر التسبيح ورفع مراسيم الآذان·
 
فكرت أن أمشي خارج المنزل، زرت أماكن طفولتي، عبر كل الأزقة التي تبدلت، حيث البيوت تجاوزت حدود الأخلاق واستحقاقات المواطنة، وانقضّت ـ بلا رحمة أو التفكير بالمستقبل الغامض لمن يتجاوز على حرمة القانون ـ على بقايا الممرات المضغوطة التي كنا نتخذها مساحات فرح أيام شبوبنا، عندما كانت المراهقة وقودنا الدافع نحو تكحيل خيالاتنا بوجوه الفتيات الواقفات أمام أبواب المنازل، أو الواقفات على سطوح البيوت الطينية، يلقين إلى دنيا (جلبلاء) نبضات قلوبهن العاطفية، غاسلات وجه النهار من الكسل المستتب، ببسمات ثغور تحاول صناعة الحب لكل شاب وسيم يمر، يمسكن كتبهن المنهجية، ضاغطات بلذة على نهودهن لإخماد وخزات النمو المتواصل في صدورهن·
 
جربت السير بمحاذاة الوادي الكبير للبلدة، على الرصيف الترابي للشارع الرئيس المتآكل، في الجانب الأيسر للوادي تحديداً، ذلك الرصيف قيل إن مقاولاً (لطش) الفلوس المخصصة لتعميره، سرق الفلوس نهاراً، وغادر من غير وجود عيون قانونية ساهرة تلاحقه لتعاقبه، مرور المركبات والسابلة والغبار المتصاعد، كلها صارت كوابيس متضاعفة راحت تزيد من ضراوة الاختناق، الذي بدأ يضغط على صدري، لم أشعر بشيء يدل على وجود وعكة صحية، كل شيء في جسدي سليم، لهفة البحث عن الطرائد الأدبية متواصلة ومتفاعلة في مخيالي، أنظر بعيون مسرورة، شهيقي لا يعتوره ضيق رغم نتانة الهواء ومغبوريته (هواء ممزوج بالغبار)، لكن الضيق الكامن في صدري، أعرفه، سبق أن مررت به، 

Pages