(حكايتي مع رأس مقطوع) الرواية الخامسة للكاتب العراقي تحسين كرمياني، صدرت عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ببيروت، وهي تحمل عنواناً غاية في الغرابة؛ لا شك أنّ هذا العنوان الملفت للانتباه ربما يحتاج إلى تأويلات او أستقراءات معللة منطقياً كي تبرز نوع من ال
قراءة كتاب حكايتي مع رأس مقطوع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
لقد كان مجرى ماء المجاري للبيوت يمر بين صفي المنازل، ولولا ذلك الرجل لسدروا في غيهم وتركوا مياه مجاريهم تتحرر في الأزقة، من غير شعور بالمسؤولية، ومن غير وجود رحمة بالآخرين·
سلكت الممر، رغم رائحة المجرى ووجود أكياس أزبال مقذوفة من وراء الجدران، في منتصف الممر سمعت صوتاً غريباً، توقفت، كانت هناك جراء خائفة، لم يكن الصوت الغريب صادراً من تلك الجراء، صوت كائن خائف ومخنوق، مشيت بعدما خلت أن مصدر الصوت لم يكن سوى أنين هارب من أغواري، عبرت الممر وعند نهايته توقفت أستطلع، وجدت الجراء في حالة فوضى، عاينت الجدران، لم أجد رأساً بشرياً أو نافذة يتخذها صبي لإقلاق تلك الجراء الحائرة، وجدت فرصة مثالية للتخلص من كابوسي، عدت ووقفت عند جراء هلوعة راحت تلوذ بي، تلتف حولي وتحك نفسها بقدمي، في تلك اللحظة وجدت كيساً من بين الأكياس المرمية يتحرك، أو خلته تحرك، شيء من هذا القبيل تخاطر إلى ذهني، توقعت أن فأراً ما وربما جرذاً لقوة الحركة تسلل إليه، لكن ظني خاب فجأة·· لحظة صدر صوت مخنوق:
- سالم·· أنقذني·· !!
صوت بشري صادر من مكان غير متوقع، أغمضت عيني وسحبت شهيقاً، وزفرت حرائق أغواري دفعة واحدة، كان الضجيج المتواصل في رأسي جراء سهري لليلتين متتاليتين مهيمناً على صفاء ذهني، خلت جسدي المرهق ما زال يصدر أوامره، لكن الصوت واصل نداءه:
- لا تقف حائراً·· دع إنسانيتك تتغلب على مشاعرك، الأديب في يومنا هذا وحده صاحب الضمير الحي المتبقي داخل الشعوب المقهورة·
ولد في رعب مفاجئ، بعدما قر يقيني أن الذي يحصل لم يكن مزحة مزاجية، أو مفاجأة من مفاجآت أحلام اليقظة، فالذي يستصرخني بشري في ضيق، النداء واضح الجرس، والصوت يرجع لإنسان ما يسكن قلب محنة ما، والجراء تبدو مرعوبة من هول ما يحدث، برعشة جسد تقدمت من أكوام الأكياس المتراكمة، رغبت في استعادة توازني وتحرير جسدي من الرجفة المباغتة، بمقدمة حذائي بدأت أركل الأكياس، كيساً تلو كيس، ركلت خمسة أكياس محشورة بمهملات وبقايا أطعمة، قبل أن يصطدم حذائي بكيس ثقيل، ندت منه صرخة:
: آآآآآآآآآخ·· !!